بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
يصعب تقدير الوقت اللازم لوصول موجة المقاومة الفلسطينية التالية إلى الحالة التى تسمح بظهورها, ولكن يسهل توقع أنها ستكون امتدادًا للموجة الراهنة التى توشك على الانتهاء. فمادام الاحتلال مستمرًا لابد أن تكون هناك مقاومة له. هذا قانون التاريخ وأحد دروسه المهمة. والأرجح أن موجتها المقبلة ستكون أكبر من سابقاتها.
ولكن الأهم أن تكون مختلفة نوعيًا أيضًا. ولا يمكن أن تكون كذلك إلا إذا حدثت نقلة فى عملية تصنيع الأسلحة التى تحتاجها، ووضعت خطط لتقليل الثمن الذى يدفعه الشعب الفلسطينى. فقد كان هذا الثمن كثيرًا فى مختلف الجولات السابقة، وبلغ ذروةً غير مسبوقة فى الموجة الراهنة. فلا يصح أن تبدأ الجولة المقبلة دون تطوير قدرة أقسام الهندسة العسكرية فى فصائل المقاومة على تصنيع الأسلحة بناءً على تجربة الموجة الراهنة. وأهم ما يستفاد من هذه التجربة أن المقاومة فى حاجة شديدة إلى نظم دفاع جوى مبتكرة يُستفاد فيها من تراكم خبرات مهندسى فصائل المقاومة الذين أثبتوا أن قدراتهم تزداد من موجة مقاومة إلى أخرى. ولولا هذه القدرات ما استطاعت المقاومة الصمود إزاء حرب إبادة شاملة طول عام ونصف العام.
فعندما بدأت تلك الحرب فى أكتوبر 2023 كان التقدير الغالب لقدرة فصائل المقاومة على الصمود يتراوح بين أربعة وستة أشهر، حسب المعلومات التى كانت متوافرة عن الأسلحة الموجودة فى حوزتها. ومع ذلك صمدت لأكثر من ثلاثة أمثال الفترة التى كانت متوقعة رغم الحصار الكامل الذى يحول دون وصول قذيفة واحدة، وليست قطعة سلاح، إلى قطاع غزة. ولم يكن ترشيد استخدام الأسلحة والقذائف يكفى للصمود طول هذه الفترة. وهذا يعنى أن مهندسى المقاومة أبدعوا فى الاستفادة من القذائف والقنابل الإسرائيلية التى لم تنفجر، والأسلحة التى اغتنمها مقاتلو المقاومة من قوات الاحتلال، وجعلوها قابلة للاستخدام بواسطة تقنيات الهندسة العسكرية.
وبناءً على ذلك يجوز توقع أن تكون المقاومة فى موجتها المقبلة، أيًا يكن شكلها واتجاهاتها، أقوى وأكثر استعدادًا على مستوى القدرات التسليحية خاصةً الدفاعية التى تقلل الثمن الذى يدفعه الشعب الفلسطينى من أجل انتزاع حريته واستقلاله.