بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
جزيرتان تفصلهما مسافةُ تزيد على 10 آلاف كم. تقع جزيرة جرينلاند بين المحيط المتجمد الشمالى والمحيط الأطلسى، فيما توجد جزيرة تشاوس فى وسط المحيط الهندى. لا يجمع الجزيرتين إلا اهتمام أمريكى بهما يضعهما تحت الأضواء، خاصةً جزيرة جرينلاند. بدأ الرئيس الأمريكى ترامب ولايته الثانية بطلب شراء جزيرة جرينلاند التى تتبع الدنمارك وتتمتع بحكم ذاتى واسع. وهو يبدو مُصممًا على ذلك. وُصفت طريقة حديثه فى الاتصال الهاتفى مع رئيسة وزراء الدنمارك قبل أيام بأنها كانت حادة، وانطوت على تهديد صريح بشن حرب تجارية، وآخر مبطن لا يستبعد الضم القسرى. وربما يرى الأمر سهلاً إذا قرر الاستيلاء على الجزيرة بالقوة. القاعدة العسكرية الوحيدة فيها تديرها قوات جوية أمريكية. ولن تقدر الدنمارك على التصدى لها. ولكن تداعيات الضم القسرى قد تكون وخيمة بالنسبة إلى العلاقات الأمريكية-الأوروبية، فى الوقت الذى ينتاب معظم حكومات القارة العجوز قلق من سياسات ترامب تجاهها.
الأمر مختلف بالنسبة إلى جزيرة تشاوس، التى وافقت بريطانيا فى أكتوبر الماضى على إعادتها إلى موريشيوس مع حصولها على حق استخدام قاعدة ديجو جارسيا الجوية الموجودة فيها لمدة 99 عامًا، فى مقابل دعم مالى ومساعدة فى عملية إعادة توطين سكانها الأصليين. الجزيرة جزء من موريشيوس التى احتلتها بريطانيا عام 1810. وعندما استقلت عام 1968 احتفظت دولة الاحتلال بالجزيرة التى تؤجرها للولايات المتحدة. ولا عجب فى ذلك. الإنجليز متعودون على أن يعطوا ما لا يملكون لمن لا يستحقون. ولكن سياسيين وعسكريين متقاعدين أمريكيين يعترضون على إعادة الجزيرة إلى موريشيوس، ويطالبون ترامب بالعمل لإثناء حكومة ستارمر البريطانية عن القرار الذى اتخذته قبل التصديق عليه. ويتذرعون فى ذلك بأن لموريشيوس علاقات قوية مع الصين، وأخرى متنامية مع إيران. ولكن يبدو أن ترامب ينتظر ما سيسفر عنه الخلاف الذى ظهر مع تولى حكومة جديدة السلطة فى موريشيوس، وإعلان رئيسها أن الاتفاق الذى أبرمته سابقتها مع لندن لا يتضمن اعترافًا كاملاً بملكية بلاده للجزيرة. فقد يؤدى هذا الخلاف إلى إفساد الاتفاق، ومن ثم إعفائه من أن يفعل هو ذلك.