بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
أجئت تشعل البيت نارًا؟ سؤالُ من قصة قيس وليلى المشهورة نذكره فى الوقت الذى ينتظر العالم ما سيفعله دونالد ترامب الذى استبق دخوله البيت الأبيض بتصريحات مثيرة كعادته. ففى منطقة الشرق الأوسط يثير دوره فى التوصل إلى اتفاقٍ بشأن غزة التساؤل عن اتجاهات سياسته تجاهها, وهل سيسعى لإطفاء حرائقها أم سيزيدها اشتعالاً. السؤال المطروح أيضًا فى أمريكا اللاتينية والكاريبى حيث هدد ترامب بما سمَّاها استعادة قناة بنما إذا لم تُخفض رسوم مرور السفن الأمريكية فيها. وكذلك الحال فى أمريكا الشمالية إذ يريد ترامب ضم كندا إلى الولايات المتحدة لتصبح الولاية رقم 51. ولكنه لا يهدد فى هذه الحالة بل يدعو أو يطلب، ويلجأ إلى سياسة «الجزرة» على أساس أن ضم كندا يعنى إلغاء الرسوم الجمركية، ويؤدى إلى خفض الضرائب فيها ويجعلها آمنةً مما يعتبره تهديدًا روسيًا وصينيًا. والسؤال مثار كذلك فى الدنمارك حيث يريد ترامب شراء جزيرة جرينلاند التى تخضع لسيادتها وتتمتع بحكم ذاتى واسع. ويأخد الدنماركيون الأمر مأخذ الجد، إذ بادر ملكهم فردريك العاشر إلى محاولة «تحصين» الجزيرة عبر إجراء تغيير فى شعار المملكة لإبرازها فيه, وتأكيد أنها ليست معروضة للبيع. فهل سيصب ترامب زيتًا إضافيًا على النار المشتعلة فى العالم؟. ليس هذا مرجحًا فى الأغلب. فقد بلغت درجة الحرارة السياسية فى العالم مبلغ الخطر واقتربت من الغليان. ولهذا فبرغم صعوبة توقع سلوك ترامب، ربما يجد أن عليه السعى إلى خفض هذه الحرارة والحد من لهيب النار المشتعلة فى «البيت العالمى»، قبل أن تحرق الولايات المتحدة مع غيرها مما قد تطوله نارها. فإذا واصلت حرارة العالم السياسية ارتفاعها ربما تُشعِل حربًا عالميًا لم تعد مستبعدةً فى حالة حدوث احتكاك ما هنا أو هناك وتطوره فى اتجاهٍ يتعذر السيطرة عليه. وعندئذ قد لا ينجو أحد من لهيبها. وإذا صح أن ترامب رجل صفقات ربما يدفعه هذا الخطر للسعى إلى تسويات من أجل خفض درجة الحرارة السياسية. فهل يستطيع ؟ سؤال نبقى معه غدًا.