مواجهة الإرهاب حصاد 18 عاماً

مواجهة الإرهاب.. حصاد 18 عاماً

مواجهة الإرهاب.. حصاد 18 عاماً

 العرب اليوم -

مواجهة الإرهاب حصاد 18 عاماً

بقلم : د. وحيد عبدالمجيد

عندما ضربت طائرتان برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك، وصدمت ثالثة مبنى وزارة الدفاع «البنتاغون»، وهوت رابعة في أحد حقوق بنسلفانيا، في مثل هذا اليوم قبل 18 عاماً، كانت الصدمة مهولة في الولايات المتحدة، وفي العالم كله. بدا المشهد كما لو أنه خيالي. مشهد تجاوز حدود العقل. لكن استيعابه، والتعاطي معه، كان في أشد الحاجة إلى العقل الذي يصبح أقل قدرة على التفكير الخلاق في مثل هذه الحالة.

ولذا، جاء رد الفعل الأميركي تقليدياً تماماً، إزاء هجمات غير عادية. لم يختلف عن رد الفعل على الهجوم الياباني الذي استهدف أسطولاً أميركياً في ميناء بيرل هاربر في ديسمبر 1941، فقررت واشنطن دخول الحرب العالمية الثانية التي كانت مشتعلة حينئذ. أعلنت واشنطن الحرب في كل من الحالتين، اللتين لا يجمعهما إلا أن الهجوم الذي حدث ضدها كان مباغتاً، بينما اختلفتا في كل شيء آخر تقريباً. وعندما يكون رد الفعل واحداً في حالتين مختلفتين، لا يؤدي في الثانية إلى النتائج نفسها التي حققها في الأولى.

أدى انضمام الولايات المتحدة إلى التحالف، الذي كانت قواته متراجعة أمام جيوش ألمانيا وإيطاليا واليابان، إلى تغيير ميزان القوى تدريجياً. وساهمت قوتها في حسم الحرب لمصلحة دول التحالف، وتغيير خريطة أوروبا، وإسقاط حكومات دول المحور، ومن بينها الحكومة اليابانية، وإقامة أنظمة سياسية جديدة فيها. حقق رد فعل الولايات المتحدة على هجوم بيرل هاربر، إذن، هدفه كاملاً في حرب ضروس واسعة النطاق، لكنها نظامية بين جيوش دول. نجح رد فعل تقليدي في حالة حرب كلاسيكية. لكن حالة هجوم 11 سبتمبر ليست من هذا النوع، فهي مختلفة تماماً. هجوم شنّه تنظيم إرهابي عابر لحدود الدول، وليس جيش دولة. لكن قوة الصدمة التي تلقّتها الولايات المتحدة لم تترك فرصة لتفكير هادئ وعقلاني في نوع الرد المناسب على هجوم كان جديداً تماماً. فجاء ردها مماثلاً لما فعلته عقب الهجوم على بيرل هاربر، إذ أعلنت الحرب على تنظيم «القاعدة»، والإرهاب عامة، وعبأت قوتها الجوية الضاربة، وشنت هجوماً تصور من اتخذوا القرار بشأنه أنه سيؤدي إلى اقتلاع التنظيم الإرهابي المعتدي من جذوره. لم يفكروا في طبيعة هذا التنظيم الذي لا يكفي ضرب مركزه للقضاء عليه. 

كان شن الحرب على اليابان عقب هجوم بيرل هاربر كافياً لهزيمتها، وإسقاط الحكومة التي قررت شن ذلك الهجوم. لكن حالة التنظيمات الإرهابية مختلفة. نجح الهجوم الأميركي على أفغانستان في اقتلاع مركز تنظيم «القاعدة»، إلى جانب إسقاط حكومة «طالبان» التي استضافته ووفرت له ملاذاً. لكن «القاعدة»، كأي تنظيم إرهابي، لا يعتمد على مركز تستطيع قيادته التحصن فيه لبعض الوقت، بل على فروعه وأتباعه المنتشرين في أماكن مختلفة.

كما لم تكن «طالبان» حكومة عادية، بل حركة مسلحة استولت على السلطة في أفغانستان عام 1996، بعد أن أُنهكت التنظيمات التي قاتلت الجيش السوفييتي، ثم حارب بعضها بعضاً، مما أتاح لحركة جديدة بدأت صغيرة أن تملأ فراغاً ترتب على ضعفها. وهذا النوع من الحركات غير التقليدية لا يُهزم نهائياً في هجوم كلاسيكي اعتمد على غارات جوية شنتها طائرات حديثة تملك قدرات مهولة، لكنها لا تستطيع حسم صراع ضد حركة تعودت على الكر والفر.

ولذا، تبدو النتيجة مختلفة في الحالتين. حصاد الرد على هجوم 11 سبتمبر أقل كثيراً بعد 18 عاماً، مما حققه الرد على هجوم بيرل هاربر خلال أربعة أعوام فقط.

وربما يقودنا تأمل هذا الفرق الكبير إلى الاستنتاج بأنه صار ضرورياً أن تتحول الولايات المتحدة من موقع رد الفعل، الذي لم تغادره منذ 18 عاماً، إلى حالة الفعل المعتمد على تفكير جديد. تحول قد يبدو متأخراً، لكن وقته لم يفت، وسيحقق نتائج أكثر فعالية في حالة إدارة المواجهة ضد الإرهاب اعتماداً على تفكير جديد غير نمطي، وبناءً على استراتيجية جديدة متكاملة، بخلاف ما حدث على مدى 18 عاماً.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مواجهة الإرهاب حصاد 18 عاماً مواجهة الإرهاب حصاد 18 عاماً



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 20:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
 العرب اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس

GMT 07:06 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 6 في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة

GMT 17:33 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

حرب غزة ومواجهة ايران محطات حاسمة في مستقبل نتنياهو

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab