بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
العلاقة بين السياسة والسينما وثيقة للغاية. فكم من أفلام سينمائية أحدثت آثاراً سياسية فى دول ديمقراطية تتوافر فيها حرية التعبير. وكم من أفلام سينمائية مُنع عرضها خوفاً من رسالة سياسية تحملها فى دول دكتاتورية. وكثيرة جداً هى الأفلام التى قدمت رؤى مختلفة لشخصيات سياسية.ولكن هذه هى المرة الأولى التى يُعرض فيها فيلم سينمائى عن مرشحة تستعد لخوض انتخابات بعد شهور قليلة. الفيلم وثائقي، وليس روائياً. وهو عن هيلارى كلينتون، أو بالأحرى ضدها اذ يبدو كأنه جزء من الحملة الانتخابية لمنافسها دونالد ترامب.رسالة الفيلم بسيطة وصريحة للغاية وهى أن فوز هيلارى كلينتون فى الانتخابات المقبلة يمثل كارثة للولايات المتحدة. ويقدم الفيلم تصوراً لما سيكون عليه الوضع فى أمريكا التى تحكمها هيلاري، أو Hillarys America وفق العنوان الذى يحمله.لم يثرعرض الفيلم خلال الحملة الانتخابية أى نقاش حول قواعد هذه الحملة، وهل ينسجم ذلك مع نزاهتها من عدمه. كما لم يصدر عن المرشحة التى يهاجمها الفيلم بضراوة أى اعتراض أو امتعاض.فالقاعدة العامة فى الانتخابات، كما فى السياسة الأمريكية عموما, أن المجال مفتوح للجميع بلا حدود. وليس فى إمكان أحد أن يفرض رقابة على السينما أو غيرها.
ولذلك تجاهلت كلينتون الفيلم، بل ربما تكون قد راهنت على أن يكون عرضه فى مصلحتها بسبب فجاجته الشديدة فى الهجوم عليها، كما على الحزب الديمقراطى الذى تمثله فى الانتخابات، الأمر الذى قد يجعل أثره عكسياً. كما أن اندفاعه الشديد فى الهجوم عليها جعله أقرب إلى نشرة دعائية مصورة منه إلى السينما الوثائقية التى تنجح بمقدار ما تحرص على الموضوعية واحترام عقل المشاهد. والأرجح أن فيلما من هذا النوع قد يستفز بعض مؤيدى منافسها, او يحفز بعض المترددين على حسم موقفهم لمصلحتها. ولذلك ارتكب ترامب خطا فادحا عندما دعا الناخبين إلى مشاهدة الفيلم. ولو أنه سياسى حصيف ذو خبرة لانتقده، وأظهر عدم قبوله مثل هذا الهجوم الفج على منافسته، سعياً إلى تحسين صورته فى أوساط الناخبين الذين لا يرون فرقا بينه وبين مؤلف الفيلم ومخرجه من حيث الفجاجة والتطرف والعدوانية تجاه المختلفين معه.