د. وحيد عبدالمجيد
هل يملك مجلس النواب الجديد الحق فى تعديل الدستور فور انتخابه؟ بالتأكيد. وهذا أمر لا يحتاج إلى سؤال. فالمادة 226 من الدستور تحدد طريقة تعديله وتضع الشروط اللازمة لذلك. وليس هناك أى مانع دستورى بالتالى يحول دون إجراء هذا التعديل فى أى وقت.
غير أن المنطق البسيط يقول إن الإنسان لا يعدل شيئاً أو يغيره إلا بعد أن يجربه. ويعنى ذلك فى الحالة التى نحن بصددها تطبيق الدستور أولاً عبر تعديل القوانين المخالفة له أو التى لا تنسجم معه، وسن التشريعات الجديدة التى نص على ضرورة إصدارها. وهذا هو ما ينبغى أن يقوم به مجلس النواب فور انعقاده، وليس تعديل نصوص دستورية لم تُطبق، وبالتالى لم تُجرب فى الواقع.
وفضلاً عن هذا السبب المنطقى الذى يجعل الدعوة إلى تعديل الدستور بشكل فورى معيبة، هناك عامل آخر يرتبط بالعلاقة بين مشروعية المجلس الجديد وشرعيته فى هذه المسألة على وجه التحديد. فأى برلمان فى العالم يكتسب المشروعية القانونية عند إعلان نتائج الانتخابات التى جاءت به، وبغض النظر عن عدد المشاركين فى انتخابه.
غير أن أى برلمان فى العالم أيضاً يكون أكثر شرعية كلما ازداد عدد المشاركين فى انتخابه. فارتفاع نسبة المشاركين فى أى انتخابات يوفر لها الشرعية أى الرضاء العام أو القبول الشعبى الواسع. والفرق بين هذه الشرعية من ناحية والمشروعية من الناحية الأخرى هو أن الثانية تتعلق بالوضع القانونى، بينما تنصرف الأولى إلى الإرادة الشعبية. وهذا فرق معروف فى دراسات النظم السياسية والدستورية منذ زمن طويل.
وتزداد أهمية هذا الفرق عندما يكون الموضوع هو تعديل دستور جديد لم يمر على إقراره فى استفتاء عام سوى أقل من سنة.ولذلك ستكون المقارنة واجبة بين عدد الذين اقترعوا فى هذا الاستفتاء، وفى الانتخابات الجارية الآن. فقد أصبح واضحاً وفق دلالات المرحلة الأولى أن عدد الناخبين فى هذه الانتخابات سيكون أقل ممن أدلوا بأصواتهم فى الاستفتاء على الدستور، وكان عددهم أكثر من 20 مليوناً. وإذا أضفنا إلى ذلك أن 98% ممن شاركوا فى الاستفتاء على الدستور اقترعوا بنعم، وأنه من الصعب تصور أن توافق نسبة مماثلة على تعديل الدستور، يصبح من الضرورى أن يعيد الداعون إلى هذا التعديل النظر فى موقفهم.