د. وحيد عبدالمجيد
لا يقتصر الجديد فى أداء تنظيم «الدولة الإسلامية»، الذى بشرنا بإعلان عودة الخلافة، على تشدده غير المسبوق وتعبيره عن أقصى تطرف وقسوته المهولة فى التعامل مع من يخالفونه. فهو »يجَّدد« أيضاً فى استخدام وسائل الاتصال الحديثة متجاوزاً أدواتها الألكترونية ومواقعها التواصلية الاجتماعية التى تجيد تنظيمات العنف كلها استغلالها.
فقد بدأ هذا التنظيم المدهش فى إصدار مجلة مطبوعة اختار لها اسم «دابق» نسبة الى منطقة فى ريف حلب شهدت موقعة فاصلة مشهورة بين الأتراك والمماليك دشنت صعود «الخلافة» العثمانية0 فقد وجد قادة التنظيم حديثاً منسوباً إلى أبى هريرة مؤداه أن منطقة دابق فى ريف حلب ستشهد إحدى أكبر الملاحم التاريخية بين المسلمين والصليبيين، عندما تنزل الروم فيها فيخرج اليهم جيش من خيار أهل الارض
غير أن معارك تنظيم «الدولة الإسلامية» الآن قرب منطقة دابق هذه تتركز ضد «الجيش السورى الحر» وليس الروم! وإذا نجحت قوات ذلك التنظيم فى أن تنتزع مدينة حلب من مقاتلى «الجيش الحر» بعد أن حرروها بدمائهم، ستخوض المعركة التالية ضد قوات النظام (أى الرافضة وفق مصطلحاته وليس الروم).
ومع ذلك، ورغم انغماس تنظيم «الدولة الإسلامية» فى خرافات لا نهاية لها، فقد استخدم أحدث تقنيات العصر واستفاد من آخر إنجازات العلم فى مجال الاتصالات. وها هو يصدر مجلة «دابق» بالعربية والإنجليزية وفق أحدث ما وصل إليه التطور فى مجال الصحافة المطبوعة، سواء من حيث الإخراج أو التبويب أو الصور أو الألوان أو الخطوط وطريقة كتابة العناوين، فضلاً عن الغلاف الذى ينافس أغلفة مجلات عالمية كبري.
وقد حمل غلاف العدد الأول عنواناً كبيراً هو »عودة الخلافة« على خلفية تتضمن خريطة هذه الخلافة إضافة إلى ثلاثة عناوين فرعية متجاورة فى شريط أسفل الغلاف0 ويبدو الغلاف شديد الأناقة، مثله فى ذلك مثل الشكل الذى خرجت به هذه المجلة رغم الدموية التى تحفل بها المواضيع المنشورة فيها سعياً إلى شحذ حماس شباب يائس أو غاضب أو محبط أو بائس وغسل عقله من أجل تجنيده. وما اقتران الدموية بالأناقة هنا الا احدى مفارقات هذا التنظيم.