في زاوية القفص

في زاوية القفص!

في زاوية القفص!

 العرب اليوم -

في زاوية القفص

د. وحيد عبدالمجيد

كان مثيراً للتأمل العصفور الصغير الذى فتح له صديقى باب القفص ليطير دون جدوي. كانت علامات المرض قد بدأت فى الظهور عليه بعد موت العصفورة التى رافقته فى هذا القفص لشهور طويلة. خشى صديقى المتيم بعالم العصافير أن يموت بدوره. وعرفت منه للمرة الأولى أن بعض فصائل العصافير لا تطيق الوحدة، خاصة إذا اقترنت بحزن على رفيق أو رفيقة.

ولذلك قرر إطلاق سراح العصفور الوحيد الحزين معتقداً بخبرته أن خروجه إلى الهواء سينعشه ويُخرجه من حالة قد تودى بحياته. ولكن العصفور أبى أن يغادر القفص، وظل متمسكاً بجداره ينتقل من الجانب الذى يطرق عليه صاحبه ليحثه على الخروج إلى الجانب الآخر.

كان الصديق مدهوشاً إزاء هذه الحالة التى لم ترد عليه من قبل رغم طول علاقته بعالم العصافير. وعندئذ انتقلتُ من طرح الأسئلة والاستماع إليه وهو يشرح جوانب مهمة فى عالم العصافير إلى الإجابة على سؤاله عن سبب تمسك هذا العصفور بالقفص ورفضه الانطلاق إلى الحرية.

ولم أعتمد فى تفسيرى لحالة هذا العصفور على أية معرفة بعالم الطيور، بل على فهم دوافع الإنسان الذى يفضل الاستعباد على الحرية فى ظروف معينة ينتابه فيها خوف عميق ويقع أسير قلق هائل على حياته أو رزقه أو بيته أو ممتلكاته نظراً لغياب الأمن أو انتشار الإرهاب أو نشوب حرب أهلية.

بدا لى العصفور الأصفر الصغير وهو منكمش ومتقوقع على نفسه فى زاوية القفص وممسكا بجداره كأنه يحتمى به فى حالة مماثلة لتلك التى يجد الإنسان نفسه فيها حين يستبد به الخوف، سواء كان خوفاً حقيقياً له ما يبرره أم كان مصنوعاً عبر فزاَّعات يجيد محترفو استعباد الشعوب صنعها أو النفخ فيها أو تضخيمها لكى تفعل فعلها المرعب فى النفوس وتدفع الناس إلى الركض لدخول القفص راغبين مختارين.

فعندما يشتد الخوف، يصبح الإنسان عاجزاً عن ممارسة الحرية إذا كان متمتعاً بها، وعازفاً عن المطالبة بها إذا كان يسعى إليها قبل أن يصيبه الرعب، ويصير الأمن هو غايته ومبتغاه. وفى سبيل الأمن، يبادر بدخول القفص والانزواء فى زاويته.

وقد تقصر هذه الحالة أو تطول نسبيا وفقاً لظروف ومعطيات مختلفة. ولكنها ثمثل مرحلة غير طبيعية لابد أن تنتهى ويعود الانسان كما العصفور للبحث عن الحرية ومقاومة العبودية

arabstoday

GMT 18:34 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

ليلة رعب فى سانتياجو

GMT 18:33 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

مشوار الإحساس

GMT 18:31 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

أوكرانيا ليه؟

GMT 14:37 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

المليار الذهبي وتناقص سكان العالم

GMT 07:58 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

هل على “الحزب” الحلم بـ 17 أيّار؟

GMT 06:41 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

الكلاب مرة أخرى!

GMT 06:39 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

هيبة أمريكا على المحك

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في زاوية القفص في زاوية القفص



أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:23 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

السودان... تعثّر مخطط الحكومة «الموازية»

GMT 02:34 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

شهيد في قصف للاحتلال شرق رفح

GMT 16:22 2025 الأربعاء ,19 شباط / فبراير

حصيلة ضحايا الحرب على غزة تتجاوز 160 ألف شهيد ومصاب

GMT 10:14 2025 الأربعاء ,19 شباط / فبراير

الكشف عن البرومو الأول لبرنامج رامز جلال
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab