من بيروت إلى بغداد في وصف حالتنا

من بيروت إلى بغداد... في وصف حالتنا

من بيروت إلى بغداد... في وصف حالتنا

 العرب اليوم -

من بيروت إلى بغداد في وصف حالتنا

بقلم - مصطفى فحص

بعد حراكين «تشرينيين» عراقي ولبناني، وبكل أفراحهما وأطراحهما، وخيبة الأمل بتجربة لم تكتمل ورهان على تغيير لم ينضج، ومحاولات خصومهما المدججين بالسلاح والمال والفساد وكواتم الصوت من اغتيالهما معنوياً وسياسياً، وعلى الرغم من اتساع الآلام والتضحيات تُصرّ شريحة كبيرة من الجيل الشاب على الاستمرار في خوض التجربة مهما كانت الظروف عسيرة، يدفعها تمسكها بأمل ما؛ ولأن هؤلاء الشابات والشبان في بغداد وبيروت محكومون بالأمل، فإن استسلامهم بات شبه مستحيل، وهم يملكون القدرة على التعايش والتكيف مع مآسيهم ومآسي بلادهم.

في حديثه لبرنامج «بودكاست مع نايلة» الذي تقدمه رئيسة تحرير صحيفة «النهار» اللبنانية السيدة نايلة تويني، غاص الكاتب والمعارض العراقي سرمد الطائي في شجون العراق، وأعاد سيرة المنفى القريب وآلامه، وذهب بعيداً في تفكيك الحالة العراقية وطبقتها السياسية التي لا تختلف عن الحالة اللبنانية إلا بأسماء العلم، والتي تمثل في كلا البلدين حال المجتمع وانعكاس خياراته المحدودة أو المقيدة، من صدام حسين إلى القادة الحاليين، هؤلاء في لبنان والعراق لم يكونوا خطأ فردياً وهم يعبّرون عن نوع من القيم السائدة في المجتمع، وهذا لا يعني أن الناس في بلداننا سيئون في خياراتهم، بل إنهم يخطئون في اختياراتهم، وهنا تكمن المعضلة في كيفية تعايش المجتمع مع كمية كبيرة من الأخطاء التي فُرضت عليه أو فرضها على نفسه من دون أن يدري.

ولكن بالنسبة إلى سرمد الطائي ورفاقه هي بلدان غريبة، فعلى الرغم من الظروف غير الطبيعية، فإن الناس يبتكرون طرقاً للبقاء أحياء ويكونون من الناجين، والنجاة هنا معادلة صعبة تتطلب قدرة استثنائية على التعايش مع عنف تحتكره جماعات مسلحة تقوم مقام الدولة، جعل أصحاب الرأي المختلف أو صناع المحتوى من ضحاياها، هذا العمل بالنسبة إلى صناع الرأي الحرّ في عراق ما بعد 2003 ولبنان مع بعد 2005 لم يعد نضالاً كما وصفه الطائي، بل تكفير عن ذنب؛ لأن كثيرين من أصحاب الرأي وصناعه رحلوا بطريقة مؤلمة وهم يحاولون إحداث التغيير، ومن بقوا على قيد الحياة يشعرون بالذنب لأنهم ما زالوا أحياء وهذا لم يعد بطولة أو شجاعة، بل تكفير عن الحياة.

في لقائه يتحدث سرمد الطائي مع نايلة جبران تويني عن تصفية مدروسة لأكثر من مائة ناشط وكاتب ومؤثر عراقي من ضمن 700 شاب سقطوا في «انتفاضة تشرين»، فابنة «النهار» التي سقط والدها بسبب رأيه تدرك ما قاله الطائي أكثر من غيرها، خصوصاً أن جدران جريدة «النهار» مكتظة بصور شهداء الرأي من جبران تويني إلى سمير قصير، وصولاً إلى لقمان سليم، ونوافذها تطل على ساحة الشهداء، المكان الذي اجتمع فيه اللبنانيون على إعادة إحياء الأمل وهي على مرمى حجر من مجلس النواب الذي لم تزل تمارس فيه المنظومة الحاكمة أخطاءها وتتهم دعاة التغيير والإصلاح أنهم «مافيا» تعطل الدولة.

دولة أو سلطة لم يزل أحد ممثليها هارباً من وجه عدالة المرفأ، يجاهر في الدفاع عن ذنوبه المالية والاقتصادية بحق الدولة ومؤسساتها المالية والنقدية، وبرلمان لم يزل يعطل تطبيق الدستور في إنهاء الشغور الرئاسي وانتخاب رئيس للجمهورية، هذه السلطة المتحكمة لم تزل تراهن على صفقة سياسية خارجية تقبل بشروطها وتعفيها من أخطائها كافة تحت ذريعة التعامل الضروري مع الواقع، ولكن هذا الواقع المأساوي الممتد من بيروت إلى بغداد ورغم الهيمنة، تواجه هذه المنظومة صعوبة في إعادة إنتاج نفسها حتى لو استطاعت بشكل ما إعادة تعويم خطابها وتبرير أخطائها.

في وصف حالتنا، حيث يعيش الخوف والأمل معاً، تحت سقف واحد، الخوف من رصاصة قناص أو رصاصة طائشة، والأمل الذي يشكّل الفسحة المتبقية من الحياة في بلدان ضاق فيها الحاضر ويحارب أهلها لتوسيع فرص المستقبل.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من بيروت إلى بغداد في وصف حالتنا من بيروت إلى بغداد في وصف حالتنا



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 21:48 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة
 العرب اليوم - انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة

GMT 09:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
 العرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 18:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلق على وعد ترامب بشأن سراح الرهائن المحتجزين
 العرب اليوم - نتنياهو يعلق على وعد ترامب بشأن سراح الرهائن المحتجزين

GMT 09:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

سوسن بدر تخوض تجربة فنية جديدة
 العرب اليوم - سوسن بدر تخوض تجربة فنية جديدة

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
 العرب اليوم - الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 05:57 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

المحنة السورية!

GMT 07:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 19:01 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

6 قتلى في قصف للدعم السريع على مخيم للنازحين في شمال دارفور

GMT 22:51 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الإسرائيلي يأمر بإخلاء شمال خان يونس "فوراً" قبل قصفه

GMT 20:03 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

القبض على موظف في الكونغرس يحمل حقيبة ذخائر وطلقات

GMT 20:27 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

دعوى قضائية على شركة أبل بسبب التجسس على الموظفين

GMT 22:06 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

إيقاف واتساب في بعض هواتف آيفون القديمة بدايةً من مايو 2025

GMT 08:16 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

وفاة أسطورة التنس الأسترالي فريزر عن 91 عاما

GMT 18:35 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

العراق ينفي عبور أي فصيل عسكري إلى سوريا

GMT 18:29 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

قصف إسرائيلي على مناطق جنوب لبنان بعد هجوم لحزب الله

GMT 17:20 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

هنا الزاهد توجه رسالة مؤثرة إلى لبلبة

GMT 18:45 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

ولي العهد السعودي يستقبل الرئيس الفرنسي في الرياض

GMT 11:32 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الاحتلال ينسف مبانى بحى الجنينة شرقى رفح الفلسطينية

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 11:35 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

فقدان ثلاثة متسلقين أثناء صعودهم لأعلى قمة جبل في نيوزيلندا

GMT 21:48 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة

GMT 08:11 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ارتفاع حصيلة ضحايا فيضانات تايلاند إلى 25 قتيلا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab