العراق في اليوم التالي للانسحاب الأميركي

العراق في اليوم التالي للانسحاب الأميركي

العراق في اليوم التالي للانسحاب الأميركي

 العرب اليوم -

العراق في اليوم التالي للانسحاب الأميركي

بقلم - مصطفى فحص

افتراضياً، في نهاية اجتماع لمجلس الأمن القومي الأميركي يعلن متحدث أميركي رفيع المستوى «أنه فجر هذا اليوم بتوقيت واشنطن تم إجلاء آخر جندي أميركي من العراق، تنفيذاً لقرار اتخذه الرئيس الأميركي بانسحاب بلاده من التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، بعد فشل إدارته في التفاهم مع الحكومة العراقية حول إمكانية بقاء قواعدها في العراق»، في هذا التاريخ الافتراضي تكون قوى ما يسمى بالمقاومة العراقية قد أنجزت هدفها الجهادي «المقدس»، وحققت انتصارها التاريخي على الشيطان الأكبر.

هذا المشهد الافتراضي يمكن أن يكون مقتبساً من المشهد الأفغاني، ولكن هناك كانت واشنطن تعلم أن طرفاً واحداً يمثل الأغلبية ويملك مستوى معيناً من التنظيم قادراً على التحكم بإدارة أفغانستان بعيداً عن طبيعته العقائدية، وعلاقته بجواره والمجتمع الدولي. فبالنسبة لواشنطن كان الهدف إعادة جنودها إلى بلادهم سالمين ووقف استنزافها وابتزازها من قبل بعض الأطراف الإقليمية.

أما في العراق، فمكامن الخطر بعد الخروج الأميركي وعدم قدرة أي طرف على ملء هذا الفراغ، تهديدان مباشران لوحدة التراب العراقي، نتيجة لسياسة ممنهجة في إضعاف القوات المسلحة وإفراغ عقيدتها القتالية، إذ عملت جميع المكونات على تحديد وتحجيم دورها لصالح قوى عسكرية رديفة لها طابع قومي أو عقائدي.

في بلد الانقسامات الطائفية والقومية والمناطقية والعمودية والأفقية، داخل المذهب الواحد والقومية الواحدة والمُكون الواحد والجغرافيا الهوياتية الواحدة، حيث الجميع مدججون بالسلاح والعقائد، سيلجأ الجميع، أفراداً وجماعات ومكونات وطوائف ومذاهب وقوميات، إلى العنف بحجة الدفاع عن النفس، وعدم الثقة بالآخر القريب أو البعيد أو المجاور داخل الحدود أو خارجها، خصوصاً أنه بعد 20 سنة على التغيير فشل نظام 2003 في بناء هوية وطنية جامعة، وفشلت الحكومات المتعاقبة في فرض هيبة الدولة، وهذه مسؤولية المكون الأكبر.

في أفغانستان، نجحت حركة «طالبان» التي تمثل المُكون الأكبر في إدارة دولتها التي بدأت في تنفيذ قرار احتكار العنف، وقامت سريعاً بالقضاء على مصادر التهديد في وادي بنجشير. لكن ممثلي المكون الأكبر في العراق، أي جماعات الإسلام السياسي الشيعية المسلحة الحاكمة، هم أصلاً منقسمون على أنفسهم وعلى كيفية إدارة السلطة، وجاهزون لاستخدام العنف من أجل احتكار مؤسسات الدولة وثرواتها، فسابقاً تمكنت طهران من ضبط الإيقاع بينهم تحت ذريعة ضبط التوازن مع واشنطن التي كانت وحدها من يمنح شرعية السلطة وتحجبها متى تشاء، وفي حال خروجها ليس فقط شرعية المقيمين في المنطقة الخضراء ستسقط، بل إن المنطقة الخضراء نفسها ستصبح بلا شرعية وستسقط، فالجميع يدرك مخاطر تداعيات نهاية التوازن بين واشنطن وطهران، حيث تمتلك الأولى أدوات ضغط كبيرة وفاعلة غير عسكرية تمكنها من حصار الحكومة العراقية ومعاقبتها اقتصادياً ومالياً، أما الثانية؛ فإنها ستخسر ورقة الابتزاز الأميركي، وستغرق وحدها في وُحول العراق، وفي شياطين تفاصيله القاتلة.

ليس مستبعداً أن تلجأ هذه القوى بعد انتهاء ذريعة المقاومة إلى العنف في نزاعاتها على احتكار ما تبقى من الدولة، أو في صراعات النفوذ داخل مساحاتها الجغرافية، أي مناطق الوسط والجنوب، إضافة إلى صراعاتها المحتملة مع المساحات الجغرافية السنية والكردية، وستتحول تناقضاتها السياسية والمناطقة والعقائدية والعشائرية إلى معركة تصفية حسابات بين مكوناته، خصوصاً مع الانتشار الكثيف للسلاح الحزبي والعشائري في مناطقها، وغياب فكرة الدولة ومؤسساتها الأمنية والعسكرية أو تغيبها، إضافة إلى وجود أطراف قوية تراقب وتنتظر اللحظة المناسبة للانقضاض على خصومها، مستفيدة من فشلهم وتراجع قدرة راعيهم على احتواء المشهد العراقي المقبل.

بالانسحاب الأميركي أو عدمه ظهرت تناقضات قوى الإطار التنسيقي الحاكم إلى العلن، فبمجرد طرح فكرة الانسحاب تردّد كبار المجاهدين والمقاومين في الضغط من أجل إتمامه، الأمر الذي يفتح التساؤل حول إمكانية استمرار وحدته في المدى القريب، أما تحالف إدارة الدولة ففقد مبررات استمراره بعد قرار قوى الإطار إزاحة أقوى ممثل للسنة والاستمرار في تهديد أربيل... وللحدث تتمة.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العراق في اليوم التالي للانسحاب الأميركي العراق في اليوم التالي للانسحاب الأميركي



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 21:48 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة
 العرب اليوم - انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة

GMT 09:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
 العرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 18:05 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الجيش السوري يعلن القضاء على 200 مسلح في ريفي حماة وإدلب
 العرب اليوم - الجيش السوري يعلن القضاء على 200 مسلح في ريفي حماة وإدلب

GMT 09:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

سوسن بدر تخوض تجربة فنية جديدة
 العرب اليوم - سوسن بدر تخوض تجربة فنية جديدة

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
 العرب اليوم - الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 05:57 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

المحنة السورية!

GMT 07:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 19:01 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

6 قتلى في قصف للدعم السريع على مخيم للنازحين في شمال دارفور

GMT 22:51 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الإسرائيلي يأمر بإخلاء شمال خان يونس "فوراً" قبل قصفه

GMT 20:03 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

القبض على موظف في الكونغرس يحمل حقيبة ذخائر وطلقات

GMT 20:27 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

دعوى قضائية على شركة أبل بسبب التجسس على الموظفين

GMT 22:06 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

إيقاف واتساب في بعض هواتف آيفون القديمة بدايةً من مايو 2025

GMT 08:16 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

وفاة أسطورة التنس الأسترالي فريزر عن 91 عاما

GMT 18:35 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

العراق ينفي عبور أي فصيل عسكري إلى سوريا

GMT 18:29 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

قصف إسرائيلي على مناطق جنوب لبنان بعد هجوم لحزب الله

GMT 17:20 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

هنا الزاهد توجه رسالة مؤثرة إلى لبلبة

GMT 18:45 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

ولي العهد السعودي يستقبل الرئيس الفرنسي في الرياض

GMT 11:32 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الاحتلال ينسف مبانى بحى الجنينة شرقى رفح الفلسطينية

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 11:35 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

فقدان ثلاثة متسلقين أثناء صعودهم لأعلى قمة جبل في نيوزيلندا

GMT 21:48 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة

GMT 08:11 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

ارتفاع حصيلة ضحايا فيضانات تايلاند إلى 25 قتيلا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab