جدلية الكفاح المسلح من الداخل وإليه

جدلية الكفاح المسلح من الداخل وإليه

جدلية الكفاح المسلح من الداخل وإليه

 العرب اليوم -

جدلية الكفاح المسلح من الداخل وإليه

بقلم - مصطفى فحص

في طريقه من لبنان إلى فلسطين بعد هزيمة حرب 1982، أودع الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات أسراره لدى رفيق دربه القائد الفتحاوي خليل الوزير (أبو جهاد)؛ كونه مهندسَ العملية الأولى لحركة «فتح» (نفق عيلبون) سنة 1965، التي كانت بمثابة الإعلان عن انطلاق الكفاح المسلح من الداخل، فكَّر الرجلان من منفاهما في كيفية القفز فوق الحدود، أي تجاوز الجغرافيا التي منحتهم من الحدود اللبنانية إمكانية الاشتباك المباشر الأخير مع عدوهم، وفي كيفية استمرار الكفاح الفلسطيني من أجل انتزاع حقوقهم المشروعة، بعدما أغلقت دول الطوق أبواب الكفاح المسلح بوجههم، فأصبح العبور من الخارج إلى الداخل مستحيلاً، وباتت الفرصة الوحيدة لهم هو الانتقال إلى الدخل.

عود على بدء، من غزة فجر 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 إلى غزة صباح 8 ديسمبر (كانون الأول) 1987، حينها قام سائق حافلة عسكرية إسرائيلي عمداً بصدم سيارة عمال قتل فيها 4 فلسطينيين عند معبر «إيريز»، المكان ذاته الذي عبرت منه «حماس» قبل 52 يوماً من الداخل الضيق (قطاع غزة) إلى الداخل الأوسع (فلسطين التاريخية)، كاسرة كل قواعد الاشتباك التي حُددت، بعدما انتقل الكفاح المسلح إلى الداخل، ولكن العبور الأول، أي حادث الدهس، أدَّى إلى مظاهرات عفوية في غزة سرعان ما امتدت إلى جميع الأراضي المحتلة، فجَّرت ما عُرِف حينها بانتفاضة الحجارة.

من الانتفاضة الأولى إلى الثانية، نجح الفلسطينيون في الداخل من الاقتراب من تحقيق أهدافهم التاريخيّة، عبر انتفاضة شعبية لم يكن الكفاح المسلح أولوياتها، بل اعتمدت على الحجارة في مواجهة قوات الاحتلال، وعلى التمرد على سلطاته في الضفة والقطاع والقدس عبر العصيان المدني، لم تنجح سياسة القمع والقتل في إخمادها، بل سرعان ما تم تنظيمها وإدارتها عبر قيادة وطنية ارتبطت بـ«منظمة التحرير»، عبر فصائلها الأربعة الأساسية: «فتح» والجبهتين: «الشعبية» و«الديمقراطية»، و«الحزب الشيوعي»، مع غياب واضح لـ«حماس»، حيث كانت تطوراتها أحد العوامل الأساسية لدى القيادة الفلسطينية في «إعلان الجزائر»، ولدى القيادة الأردنية في إعلان «فك الارتباط» ما بين الضفة والأردن، إلا أن مغامرة صدام حسين في غزو الكويت أدَّت إلى كارثة استراتيجية عربية أثَّرت نوعاً ما على دعمها، ولكنها كانت حاضرة في «مفاوضات مدريد»، وفي فرض الاعتراف الإسرائيلي بـ«منظمة التحرير»؛ بأنها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.

من صدام حسين إلى بن لادن، انعكس اعتداء 11 سبتمبر (أيلول) سلباً على الدعم العالمي للانتفاضة الفلسطينية الثانية، وتحميل إسرائيل مسؤولية فشل محادثات السلام، وفي استفزاز الفلسطينيين في القدس، وسارعت تل أبيب إلى إقناع الإدارة الأميركية بالربط ما بين الانتفاضة شبه المسلحة والإرهاب (الإسلامي)، كما تحاول الآن الربط ما بين «داعش» و«حماس»، خصوصاً أن القيادة الفلسطينية حينها فقدت السيطرة على العمليات العسكرية (الكفاح المسلح من الداخل)، واستغلته الفصائل الرافضة لـ«أوسلو»، في توسيع عملياتها العسكرية حتى داخل أراضي 48؛ الأمر الذي استغلته تل أبيب برأي البعض لتبرير اجتياحها للضفة وحصار المقاطعة وتدمير البنية التحتية للدولة الموعودة، والتملُّص من تطبيق بنود «أوسلو».

منذ قتل رابين إلى رحيل عرفات، لم يعد هناك شريك سلام لدى السلطة الفلسطينية، ومع عودة نتنياهو إلى السلطة تبدّد ما تبقى من فرص إعلان الدولة، ومع انقسامهم نتيجة انقلاب «حماس» الدموي في غزة عثر نتنياهو على مبتغاه، ووجَّه تركيزه على تدمير السلطة لإنهاء شراكتها، مستغلاً ضعفها وترهُّلها الذي أثَّر على دور حركة «فتح» في قيادة الشارع الفلسطيني، عادّاً «حماس» تهديداً يمكن التعايش معه، وأن مطالبها الحقيقية محدودة، بينما السلطة و«منظمة التحرير» تشكلان تهديداً دائماً لا يمكن التعايش الطويل الأمد معه، لأن مطالبهما المدعومة دولياً تضر بمشروع اليمين الإسرائيلي، خصوصاً حلّ الدولتين.

بين انتفاضتين وطوفان، عاد الفلسطينيون بعد خيبة الأمل إلى نوع من الكفاح المسلح في الداخل، الذي تصاعد في الضفة منذ بداية العام الحالي، والذي أخذ بُعداً مختلفاً في 7 أكتوبر الماضي، ما أدَّى إلى إعادة طرح السؤال الأكثر إشكالية في تاريخ الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي حول الكفاح المسلح، وهل يمكنه أن يحقق في الداخل ما فشل في تحقيقه في الخارج، أو ما فشلت عملية السلام في تحقيقه، أم أنه رد طبيعي نتيجة فشلها، ليبقى الجدل حوله مفتوحاً، في صراع لم يعد ممكناً إغلاقه أو استسهال حلّه حرباً أو سلماً.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جدلية الكفاح المسلح من الداخل وإليه جدلية الكفاح المسلح من الداخل وإليه



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 13:03 2025 الجمعة ,07 شباط / فبراير

هالة صدقي تعلن أسباب هجرتها من القاهرة

GMT 16:57 2025 الجمعة ,07 شباط / فبراير

قصي خولي يكشف مصير مسلسله مع نور الغندور

GMT 13:06 2025 الجمعة ,07 شباط / فبراير

محمد سعد يحتفل بنجاح "الدشاش" بطريقته الخاصة

GMT 17:18 2025 الجمعة ,07 شباط / فبراير

القوى العظمى.. يوتوبيا أم ديستوبيا؟

GMT 04:41 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

سماع دوي انفجارات قوية في كييف

GMT 04:32 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

زلزال يضرب بحر إيجة غرب تركيا

GMT 04:35 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

قوات الاحتلال تقتحم مخيم بلاطة شرقي نابلس

GMT 05:56 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

عاصفة شمسية تكشف أسرارًا مدهشة حول الأرض
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab