الانتخابات الإيرانية تساؤلات مشروعة

الانتخابات الإيرانية... تساؤلات مشروعة

الانتخابات الإيرانية... تساؤلات مشروعة

 العرب اليوم -

الانتخابات الإيرانية تساؤلات مشروعة

بقلم:مصطفى فحص

مشروعة هي التساؤلات، كثيرة وكبيرة ومعقّدة وحسّاسة حول شكل النظام وطبيعته، حول حاضره ومستقبله، في بعض تفاصيلها يوجد أكثر من إجابة، وفي تفاصيلها الأخرى يصعب الحصول على إجابة أصلاً، فوصول الإصلاحي ذي السلوك المحافظ المُحيّر في توصيفه، الذي يمكن وصفه أيضاً بالإصلاحي الأصولي مسعود بزشكيان، إلى سدة الرئاسة في ظروف معقدة داخلياً وخارجياً؛ يؤكد أن النظام الإيراني الذي نجح في الانتخابات الرئاسية السابقة 2021 بهندسة السلطة فشل في هندسة المجتمع، كما أنه فشل في إعادة فرض الطبيعة الواحدة للنظام، ولكنه نجح نوعاً ما في استيعاب التعددية السياسية.

ولكن خلف التعددية السياسية تكمن تعددية قومانية، فالأمة الإيرانية تمثّلها شعوب إيرانية أو مجموعة من الأقليات غير الفارسية، شاركت بكثافة في هذه الانتخابات، وفرضت على النظام نوعاً ما ضرورة استيعاب تعدديتها، فسمح -ولكن ليس مرغماً، بل لحاجة في نفس يعقوب- بوصول مسعود بزشكيان الإصلاحي المحافظ الأصولي الأقلوي الأذري من أم كردية، الذي حصل على أعلى نسبة تصويت في مناطق الأحواز العربية، ويجاهر بانتماءاته العرقية واللغوية والثقافية في تكوينه الشخصي، التي ستفرض عليه مسلكاً سياسياً واجتماعياً ومدنياً في أدائه الرئاسي، وقد تساعده في تردّد النظام بمحاصرته أو عرقلته أو منعه من تطبيق جزء من وعوده.

فالقبول بفوزه قد يفرض على النظام الاعتراف بهذه الخصوصيات؛ لأنها ليست شخصية فقط، بل هي انعكاس لخصوصيات عامة باتت جزءاً أساسياً من أزمة النظام ومركزيته السياسية والعقائدية والقومانية، وعلاقته بالأطراف التي فرضت على المركز رأيها.

في الانتخابات أو قبلها أدرك النظام الثوري صعوبتين؛ الأولى أنه غير قادر على مواجهة الحيوية المجتمعية الإيرانية، فعمليات القمع السابقة للحالات الاعتراضية كافّة لم تدفع الأفراد أو الجماعات أو التيارات إلى الاستسلام، وعلى الرغم من الإحباطات السابقة وفشل التجارب الكبيرة والشخصيات الكبرى في تحقيق برامجها، حافظ المجتمع الإيراني على حيويته وإعادة تعريف تعدديته وأعلن مجدداً استعصاءه. أما الصعوبة الأخرى والأخطر داخل تركيبة السلطة التي ظهرت أو تمظهرت في أن فرض الطبيعة الواحدة أو البيئة الواحدة فشل في حماية النظام، بل على العكس كشف عن عيوبها ومخاطرها عليه؛ إذ انفجرت تناقضات الطبيعة الواحدة سريعاً، وخرجت إلى العلن في أقل من ثلاث سنوات؛ أي ما بين هندسة انتخاب الرئيس السابق إبراهيم رئيسي ورحيله.

كانت هذه الفترة القصيرة كفيلة في تفجير صراعات المعسكر الولائي على السلطة، فنزاعات مراكز القوة داخل هذا المعسكر كانت ستؤثر في المستقبل القريب على شكل النظام وطبيعته وكيفية استمراره، فما ظهر من انسجام وتوازن ما بين العسكريين والعقائديين كان في باطنه تنافس حاد على المناصب في مرحلة انتقالية ستؤدي مستقبلاً إلى إضعافهما، خصوصاً أن تجربة السنوات الثلاث الأخيرة كانت فاشلة داخلياً وخارجياً، بداية من أزمة مهسا أميني، وما تركته من أثر اجتماعي فرض نفسه على النظام الإيراني، إلى التعقيدات الخارجية؛ إذ لم تستطع سلطة الطبيعة الواحدة المنسجمة أو المتشابهة حلّ جزء بسيط منها، كما كان يفعل أسلافها أصحاب الطبيعة المتعددة.

عملياً كان النظام بين خيارين؛ الأول حصر المنافسة داخله، وهذا يعني صراعاً قاسياً بين أجنحته له عواقب وخيمة، أما الآخر فتمرير مرشح إصلاحي، ولكن شريطة أن يكون من دون برنامج إصلاحي سياسي، وهذا له تفسيرات عدة؛ منها أن النظام يقبل بالإصلاحيين بصفتهم أفراداً يلتزمون بخطوطه الحمراء، ولكن يرفضهم بصفتهم مشاريع بسبب ظنونه بولائهم العقائدي، ليس للنظام فقط وإنما للثورة. والثورة هنا أيضاً تحمل وجهين، داخلياً هو حفظ النظام، وخارجياً هو تصديره، وفي كلا الوجهين لا يشكل بزشكيان حتى الآن أي تهديد لهما.

وعليه، فإن الأهم للنظام في هذه المرحلة إعادة ترتيب بيته الداخلي، وأولوياته منع انفجار الصراعات بين أجنحته أو تأجيله، حتى يتسنّى لضابط إيقاعه أن يهندس المرحلة الانتقالية؛ تجنباً لكي لا يتحول بزشكيان حينها إلى ضابط إيقاعها مدعوماً من غالبية شعبية لم تعد صامتة.

arabstoday

GMT 19:55 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

أورتاغوس تستفزّ إيران من قصر بعبدا

GMT 18:37 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

أصعب موقف يواجه المنطقة

GMT 18:36 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

48 ساعة كرة قدم فى القاهرة

GMT 14:32 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

سياسة ترامب.. بالونات اختبار

GMT 08:49 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

شاليهات

GMT 08:46 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

غزة بين خروج «حماس» أو ترحيل سكانها

GMT 08:45 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

سَلْمٌ الخاسِر و «بي بي سي»!

GMT 08:43 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

العَلمَانية... كلمة الجدل السائلة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الانتخابات الإيرانية تساؤلات مشروعة الانتخابات الإيرانية تساؤلات مشروعة



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 23:14 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

نتنياهو يقدم "البيجر الذهبي" هدية لترامب
 العرب اليوم - نتنياهو يقدم "البيجر الذهبي" هدية لترامب

GMT 13:03 2025 الجمعة ,07 شباط / فبراير

هالة صدقي تعلن أسباب هجرتها من القاهرة

GMT 16:57 2025 الجمعة ,07 شباط / فبراير

قصي خولي يكشف مصير مسلسله مع نور الغندور

GMT 13:06 2025 الجمعة ,07 شباط / فبراير

محمد سعد يحتفل بنجاح "الدشاش" بطريقته الخاصة

GMT 17:18 2025 الجمعة ,07 شباط / فبراير

القوى العظمى.. يوتوبيا أم ديستوبيا؟

GMT 04:41 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

سماع دوي انفجارات قوية في كييف

GMT 04:32 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

زلزال يضرب بحر إيجة غرب تركيا

GMT 04:35 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

قوات الاحتلال تقتحم مخيم بلاطة شرقي نابلس

GMT 05:56 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

عاصفة شمسية تكشف أسرارًا مدهشة حول الأرض
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab