بيروت ـــ بغداد قضاء أم قدر

بيروت ـــ بغداد... قضاء أم قدر؟

بيروت ـــ بغداد... قضاء أم قدر؟

 العرب اليوم -

بيروت ـــ بغداد قضاء أم قدر

بقلم:مصطفى فحص

تشكّل السرقتان الموصوفتان للمال العام والخاص، أي ما تُعرف في بغداد بقضية نور زهير رجل الأمانات الضريبية المفقودة، وما تُعرف في بيروت بقضية تبخر الودائع المصرفية الخاصة والهندسات المالية المشبوهة واتهام حاكم البنك المركزي اللبناني السابق رياض سلامة، بالمسؤولية عنهما، تحدياً للقوى السياسية ومؤسسات الدولتين (العراق ولبنان)، خصوصاً القضائية.

لا يمكن حصر السرقتين عملياً بالفاعلين الظاهرين رياض سلامة ونور زهير، فهما شريكان مع أكثر من طرف داخل السلطة في جريمتيهما؛ أطراف فاعلة أمّنت الغطاء لارتكاباتهما بحق المال العام والخاص. غطاء أو فاعلون مجهولون، مهددون الآن بفضيحة تاريخية ستؤثر في الطبقة السياسية الحاكمة ومستقبل العملية السياسية في كلا البلدين، في حالتين: الأولى إذا نجح القضاء في كلا البلدين بأداء دوره من دون ضغوط سياسية وكشف المستور في الجنايتين، أما الأخرى فهي كشف المتهمَين ما لديهما من معلومات وفضح المتعاونين معهما، وهذا ما دفع شخصية عراقية سياسية معروفة برزانتها وتوازنها إلى المطالبة بمحاكمة علنية لنور زهير وفي الوقت نفسه حذَّر بأن العملية السياسية في خطر.

عودة الكلام عن الخطر على العملية السياسية في العراق ليس مرتبطاً فقط بقضية نور زهير، ولكن يبدو أن إحدى أهم صواعق تفجيرها يضاف إليه ما يُتداول في العراق عن قضية التنصت على كبار المسؤولين، وصولاً إلى تسريبات وابتزازات دفعت بقاضي هيئة النزاهة ورئيسها حيدر حنون إلى التحول إلى «شاهد ملك» بعدما قدم اعترافات على نفسه وعلى آخرين في قضية رشوة حكومية ورفع مسؤوليته عن قرار الإفراج عن نور زهير.

في بيروت حتى الآن لم تظهر أي علامات لـ«شاهد ملك» في قضية الودائع والهندسات المالية، ولكنّ المدعي العام التمييزي الذي فاجأ الجميع بقرار توقيف رياض سلامة وتحويله إلى التحقيق في قضية اختلاس ثانوية جداً، باتت مؤسسته واستقلالها أمام تحدٍّ فعليٍّ، فهي لا تستطيع تقديم سلامة مرتكباً وحده أو تقوم بملاحقة أسماء جانبية في القضية كانت أداة تنفيذية له، ولا تستطيع إطلاق سراحه بكفالة أو لعدم اكتمال الأدلة، ففي بلد طائفي ومنقسم ويعاني أزمة دستورية وشللاً عاماً، تأخذ أي إدانة سياسية أو أمنية أو مالية بعداً طائفياً، فيتحول الجاني إلى مجني عليه طائفياً، فمعضلة سلامة أنه لا يمكن إبقاؤه في التوقيف طويلاً لأن ضغوطاً ستمارَس للكشف عن شركائه وليست أدواته، وهم من طوائف أخرى يجب رفع الغطاء عنهم، وهذا ما سيزعزع استقرار المنظومة الحاكمة، وأما إطلاق سراحه فإن القاضي الذي سيتخذ القرار سيُحمل غطاءه السياسي والطائفي مسؤولية التستر على سلامة. وهذا قد يؤدي إلى فوضى وتحركات في الشارع ستهدد ما تبقى من استقرار عام هش.

فمن القضاء إلى شبهات التنصت عليه وعلى مسؤولين كبار، يواجه «الإطار التنسيقي» العراقي الحاكم تحديات عديدة، أهمها فقدان الثقة بين مكوناته وبحكومته، وبات يجاهر بالحديث عن تطويقها وعن مستقبل رئيسها، فيما تتراجع حصانة المنظومة اللبنانية الحاكمة خارجياً وداخلياً، وهي للمرة الأولى قد تكون مهدَّدة بفقدان تماسكها تحت ضغوط قضائية أخرى أشد خطورة عليها من سلامة وهندساته، وهي أقرب إلى أن تكون قدرها.

قدر كأنه مشترك بين البلدين أو بين ساحتين «التحرير والشهداء»، فمن بغداد إلى بيروت، ومن نور زهير إلى رياض سلامة، يبدو أن أفعال الطبقتين السياسيتين اللبنانية والعراقية لن تبقى من دون ردود فعل من معارضيهما أو من الشارع الذي خصوصاً في العراق يقترب من لحظة الاشتعال، في فصل خريف سياسي جديد قد يتمظهر مرة أخرى في «تشارين».

arabstoday

GMT 08:04 2024 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

قصة الراوي

GMT 08:02 2024 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

بمناسبة المسرح: ذاكرة السعودية وتوثيقها

GMT 07:59 2024 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

تغريد دارغوث إذ ترسم ضد تسليع الكارثة

GMT 07:57 2024 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

أين «القاعدة» و«داعش» وأخواتهما؟!

GMT 07:55 2024 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

خريف غضب أميركي

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

في الحركة برَكة

GMT 07:51 2024 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

لماذا نهتم بالانتخابات الأميركية؟

GMT 07:49 2024 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

مصر وحماس؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بيروت ـــ بغداد قضاء أم قدر بيروت ـــ بغداد قضاء أم قدر



ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:27 2024 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

عقار تجريبي يساعد مرضى السرطان على استعادة الوزن
 العرب اليوم - عقار تجريبي يساعد مرضى السرطان على استعادة الوزن

GMT 09:30 2024 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

نيللى كريم تتعاقد على فيلم جديد بتوقيع مريم ناعوم
 العرب اليوم - نيللى كريم تتعاقد على فيلم جديد بتوقيع مريم ناعوم

GMT 06:27 2024 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

عقار تجريبي يساعد مرضى السرطان على استعادة الوزن

GMT 08:02 2024 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

بمناسبة المسرح: ذاكرة السعودية وتوثيقها

GMT 08:04 2024 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

قصة الراوي

GMT 12:20 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

الإصابة تبعد أولمو عن برشلونة لمدة شهر

GMT 08:09 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

وحدة الساحات

GMT 14:01 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

انتهاء أزمة فيلم "الملحد" لأحمد حاتم

GMT 08:08 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

لبنان... نتنياهو أخطر من شارون

GMT 04:57 2024 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

315 وفاة بالكوليرا و225 جراء السيول في السودان

GMT 00:23 2024 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

طرق متميزة ومُساعدة في تنظيف غرفة النوم وتنظيمها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab