المنطقة بين اغتيالين

المنطقة بين اغتيالين

المنطقة بين اغتيالين

 العرب اليوم -

المنطقة بين اغتيالين

بقلم:مصطفى فحص

فتح الاغتيالان (إسماعيل هنية في طهران، وفؤاد شكر في ضاحية بيروت الجنوبية) أبواب الشرق الأوسط على مصاريعها؛ فمن اتخذ قرار تصفيتهما اتخذ قراراً بدفع الصراع المفتوح منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 في المنطقة نحو النهاية أو الحسم، والحسم في استراتيجيته (أي نتنياهو) لم يعد مرتبطاً بحربه على غزة، أو محاولاته تصفية القضية الفلسطينية، بل هو يدفع الجميع أو بالجميع نحو حسم إقليمي يرفض أن تنتهي نتيجته بقيام دولة فلسطينية، أو بمعادلة رابح - رابح نسبياً، أي تسوية تفضي إلى فك الاشتباك والذهاب إلى قواعد جديدة للصراع، وفي طريق الطرفين نحو الحسم أو تحقيق النصر أو فرض قواعد جديدة للصراع قد تجاوزا حتماً معادلة الرد والرد على الرد أو الالتزام بما كان يُسمى بقواعد الاشتباك، بعدما نقل أحدهما المواجهة نحو احتمال حرب إقليمية شاملة بلا ضوابط استراتيجية أو حدود جغرافية.

قبل العملية المزدوجة في بيروت وطهران، كان الإقليم والعالم يحاولان احتواء تداعيات ضربة إسرائيلية انتقامية ضد لبنان بعد حادثة مجدل شمس، كان صانعو القرار الدولي يشددون على ضبطها من دون التركيز على حجمها، وكانت الوعود والالتزامات بتحييد بيروت وتحييد تل أبيب من الرد على الرد، ولكن ما حدث خلال ساعات رفع التكهنات من احتمال توسُّع رقعة المواجهة إلى احتمال حرب مفتوحة في لبنان تكون ذريعة لحرب إقليمية شاملة.

هي ليست المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة التي يدير فيها رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، أذنه الصماء إلى العالم؛ فهو لم يستجب للحد الأدنى المطلوب مراعاته في غزة، وخدع جميع مَن فاوضه قبل رده الانتقامي، وبدأ حربه من النقطة التي وعد بالالتزام بها، ولكنه لم يلتزم، وأغار على ضاحية بيروت الجنوبية، وبعدها بساعات على طهران، في رسالة مزدوجة لجهة واحدة؛ بأن كل شيء بات ممكناً.

كل شيء ممكن أو مباح في عقلية نتنياهو. لم يكن مفاجئاً، لكن المفاجأة أن المعنيين بالمواجهة لم يأخذوا في الاعتبار ما نقله شخصية أمنية أوروبية رفيعة المستوى زار تل أبيب في الشهر الأول للحرب الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني، وانتقل منها إلى عواصم إقليمية أخرى، منها بيروت، ونقل لمن التقاهم في هذه العواصم ما وصفه حرفياً بـ«الجنون الإسرائيلي». وقال في بيروت تحديداً إنه لم يجد إلا «مجانين» عرضوا أمامه خريطة لبنك أهداف يبدأ من جنوب لبنان وينتهي في شماله، ونيات عدوانية حينما تحين الفرصة لجعل المدن اللبنانية شبيهة بمناطق قطاع غزة التي تُسوَّى بالأرض، وأوضح في أجوبته عمن سأله من اللبنانيين أن تل أبيب اتخذت قرارها بحرب طويلة ومدمِّرة مهما كانت كلفتها داخلياً وانعكاساتها الخارجية.

موقف مشابه نقله المبعوث الأميركي الخاص بلبنان، آموس هوكشتاين، في زيارته الأخيرة إلى بيروت. هوكشتاين الذي فشل في إقناع اللبنانيين بفك الارتباط ما بين غزة والجبهة الجنوبية قال أمام مَن زارهم كلاماً مقتضباً عن احتمال الانزلاق إلى حرب مفتوحة، وإلى خطأ في التقديرات يؤدي إلى مقتل مدنيين، خصوصاً الأطفال، قد يؤدي إلى تغيير كامل في مستوى الصراع.

كان واضحاً منذ اليوم الثاني لعملية «طوفان الأقصى» أن طهران وواشنطن لا تريدان توسيع المواجهة، وأن طهران قادرة على ضبط عمل فصائلها، ولكن واشنطن المرتبكة والمشغولة بالانتخابات لم تكن من اليوم الأول للحرب قادرة على ضبط نتنياهو، وهو يستغل أي فرصة أو خطأ من أجل دفع المنطقة نحو المواجهة، وهو ما يفعله الآن من خلال ممارسة أقصى أنواع الاستدراج والإحراج.

سياسياً، الموقف الإسرائيلي الأول بعد اغتيال فؤاد شكر كان أقرب إلى عرض تسوية على غرار تسوية ما بعد اغتيال قائد «فيلق القدس»، الجنرال قاسم سليماني، وحصر الرد الإيراني بقاعدة عين الأسد الأميركية في العراق، التي جنَّبت طهران مواجهة قاسية مع واشنطن، وهذا لا يبدو مقبولاً من قبل «حزب الله» وقوى المحور، خصوصاً أن إيران لا يمكن أن تتجاوز عملية اغتيال زعيم حركة «حماس»، إسماعيل هنية، على أراضيها، وهي ملزمة بالرد؛ فهل الرد سيكون أشبه بالرد على ضرب قنصليتها في دمشق؟ وهل «حزب الله» سيكتفي بتوسيع جبهة الجنوب كمّاً ونوعاً، أم أن تل أبيب باتت هدفاً مشروعاً؟

arabstoday

GMT 06:23 2024 الإثنين ,09 أيلول / سبتمبر

هيكل في «المفكرة الملكية»

GMT 06:21 2024 الإثنين ,09 أيلول / سبتمبر

استقرار الأردن حاجةٌ فلسطينية وعربية

GMT 06:20 2024 الإثنين ,09 أيلول / سبتمبر

سيف بنيامين وهلال شوقي

GMT 06:17 2024 الإثنين ,09 أيلول / سبتمبر

بين نتنياهو والسنوار

GMT 06:14 2024 الإثنين ,09 أيلول / سبتمبر

وهنا سأسكت قليلاً

GMT 06:13 2024 الإثنين ,09 أيلول / سبتمبر

كي لا تبقى ذكرى الضحايا منقوصة

GMT 06:12 2024 الإثنين ,09 أيلول / سبتمبر

أفريقيا والصين... فرص وتحديات المصير المشترك

GMT 06:00 2024 الإثنين ,09 أيلول / سبتمبر

حق المواطن أيضًا!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المنطقة بين اغتيالين المنطقة بين اغتيالين



نجوى كرم تخطف الأنظار بإطلالة راقية والشعر الأشقر

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 00:43 2024 الإثنين ,09 أيلول / سبتمبر

4 وجهات سياحية ممتعة مليئة بالمغامرة لإجازة سريعة
 العرب اليوم - 4 وجهات سياحية ممتعة مليئة بالمغامرة لإجازة سريعة

GMT 00:15 2024 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

مناظر خلابة ورحلة استثنائية في جزر فينيسيا

GMT 23:15 2024 السبت ,07 أيلول / سبتمبر

تعطل "إكس" عن آلاف المستخدمين في أميركا

GMT 10:10 2024 الأحد ,08 أيلول / سبتمبر

ابنة أصالة تنجو من حادث خطر
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab