عادل عبد المهدي بين التسوية المؤقتة والتوازنات الصعبة

عادل عبد المهدي بين التسوية المؤقتة والتوازنات الصعبة

عادل عبد المهدي بين التسوية المؤقتة والتوازنات الصعبة

 العرب اليوم -

عادل عبد المهدي بين التسوية المؤقتة والتوازنات الصعبة

بقلم - مصطفى فحص

بين شروط المرجعية التي حددت فيها المواصفات المطلوبة لرئيس الوزراء القادم، التي تتوافر فيه بنسبة عالية، جعلت النجف تمارس صمتاً حذراً يُعول على عامل الوقت قبل أن تعلن موقفها مستقبلاً، الذي سيعتمد على تقييم أدائه الحكومي، إلا أن صمتها في هذه المرحلة علامة رضا مؤقت على توليه منصب رئيس الوزراء، وبين الشروط التي وضعها هو على نفسه عندما تداولت القوى السياسية اسمه كمرشح تسوية بعد الانتخابات مباشرة، التي أعلن خلالها أنه سيعتذر عن عدم التكليف إذا لم توفر القوى السياسية العراقية الشروط الضرورية التي تفرض عليها التخلي عن تمسكها بالمحاصصة وقبولها بإعطائه فرصة حقيقية لتطبيق رؤيته الإصلاحية للدولة ومؤسساتها. بين هذه الشروط المعقدة، يشق الدكتور عادل عبد المهدي طريقه لتشكيل حكومته العتيدة، وسط تحديات سياسية واقتصادية صعبة، ستفرض على الأطراف الفاعلة التحلي بمرونة سياسية من أجل إنقاذ العملية السياسية المهددة بالانهيار الشامل، وهذا ما تلقفه زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر الذي يتقن التغريد خارج السرب السياسي الشيعي، فأطلق على حسابه في «تويتر» تغريدة واضحة الأهداف، حدد فيها المعايير السياسية الجديدة لتشكيل الحكومة، إذ قال «فيما مضى من الأيام كان للأحزاب حصصهم من المناصب، بل ومن أموال العراق الكثير الكثير، سواء بطريقة مشروعة أم لا... وقد دام ذلك خمس عشرة سنة ألا يكفي!». فمنذ تكليف السيد عبد المهدي تشكيل الحكومة يُصر السيد الصدر على اختيار الكفاءات بعيداً عن المحاصصة، مؤكداً تخليه عن حصة فريقه السياسية في الوزارة لصالح شخصيات مستقلة يختارها رئيس الوزراء المكلف. موقف الصدر يتقاطع مع قرار الدكتور عبد المهدي بفتح الباب أمام الكفاءات العراقية المستقلة في الترشح لمناصب حكومية، بهدف كسر الاحتكار الحزبي للمناصب التنفيذية، وليس من المستبعد أن تواجه هذه الحركة برفض من الأحزاب والتيارات التي تتمسك بتمثيلها السياسي مستندة إلى شرعية برلمانية، أما بالنسبة للنخب العراقية المستقلة التي حرمت على مدى 15 عاماً من المشاركة في صناعة القرار الوطني، فإنها تعتبرها مبادرة تعيد الاعتبار للطبقة المتوسطة العراقية القادرة على المشاركة في إدارة الدولة. خطوة عبد المهدي تنسجم مع تغريدة الصدر يوم الاثنين الفائت التي وقّعها باسم «المواطن مقتدى الصدر» دون استعمال لقبه الديني، ولعله أراد بذلك محاكاة نبض المواطنين العراقيين وتطلعاتهم، فالصدر الذي يتواصل باستمرار مع نشطاء المجتمع المدني وخصوصاً اليساريين منهم، عبّر عن موقفه بصفته مواطناً ينتمي إلى المجتمع الأهلي العراقي، الممتعض من الأداء الحكومي والسياسي منذ 2003، إلا أن موقف الصدر وتلويح كتلة الفتح باتخاذ الموقف نفسه من تشكيل الحكومة يمكن رده إلى عاملين؛ الأول أن الشارع العراقي يراهن على قدرة الرئيس المكلف على تلبية مطالبه الحياتية الملحة وعلى تحسين الخدمات وتوفير فرص العمل والحد من الفساد، والتي بموجبها سيتحرك الشارع لمساندة رئيس الحكومة إذا ما حاولت القوى المتضررة من استقلالية قراراته عرقلة إصلاحاته. أما العامل الآخر، فإن الدكتور عادل عبد المهدي يكاد يكون الشخصية العراقية الوحيدة التي تملك فضيلة الاستقالة والانسحاب من العمل السياسي المباشر إذا تمت محاصرته أو تعرّض لضغوط سياسية داخلية وخارجية تؤثر في مواقفه، فعبد المهدي يخطط لحكومة تعكس الحالة التي أفرزتها التحولات السياسية والاجتماعية الأخيرة، والتي تقاطعت بين حركة الاحتجاجات في البصرة وبين خروج بعض الكتل السياسية من عزلتها الطائفية والمناطقية إلى الفضاء الوطني الأكثر اتساعاً واستيعاباً لجميع المكونات العراقية.
وعليه، فإن من المرجح ألا يبقى عادل عبد المهدي أسير الصفقة السياسية التي أوصلته إلى السلطة لفترة طويلة نتيجة عملية توافق هجينة بين أطراف مختلفة لم تنجح في تشكيل الكتلة الأكبر فاستعاضت عنها بتوافق كامل حول اسم رئيس الوزراء الذي أجمعت عليه بوصفه مستقلاً لا يحظى بتغطية حزبية، في حين فات هذه القوى أن موقع رئيس الوزراء يؤمن لشاغله إمكانات ضخمة تجعل من الدولة ومؤسساتها وأجهزتها عصباً حقيقياً يرتبط مع حركة الشارع باعتباره قوة وازنة يعتمد عليها عبد المهدي في حال تشظت القوى التي أنجزت التسوية نتيجة خلافات داخلية أو تحولات خارجية، وفي هذا الصدد يقول الباحث العراقي الدكتور حارث حسن:
إن تغيير البنية السياسية - الاقتصادية في العراق يظل تحدياً صعباً خصوصاً مع رئيس وزراء توافقي، نتاج صفقة قد لا تدوم، بدعم مؤقت من كتلتين تدعيان أنهما الأكبر، لكن بعد أشهر قليلة قد يبقى وحيداً من دون أي كتلة. فكيف سيكون بمستطاعه إدامة الدعم النيابي له وفي الوقت نفسه إجراء إصلاحات رئيسية، والحد من سخط الشارع واندفاعاته؟».

 

arabstoday

GMT 15:19 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

لماذا كل هذه الوحشية؟

GMT 15:17 2019 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

عن حماس وإسرائيل ... عن غزة و"الهدنة"

GMT 15:21 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

لجان الكونغرس تدين دونالد ترامب

GMT 08:31 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

موازين القوى والمأساة الفلسطينية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عادل عبد المهدي بين التسوية المؤقتة والتوازنات الصعبة عادل عبد المهدي بين التسوية المؤقتة والتوازنات الصعبة



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - ترامب يوافق على خطة لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله

GMT 13:26 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025
 العرب اليوم - ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 05:58 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

من الرياض... التزامات السلام المشروط

GMT 07:03 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:26 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ليفربول يُرهن ضم مرموش في انتقالات يناير بشرط وحيد

GMT 11:44 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع أرباح "أدنوك للإمداد" الفصلية 18% إلى 175 مليون دولار

GMT 13:23 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو وميسي على قائمة المرشحين لجوائز "غلوب سوكر"

GMT 20:14 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 04:27 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

باريس هيلتون تحتفل بعيد ميلاد ابنتها الأول في حفل فخم

GMT 06:49 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات فساتين زواج فخمة واستثنائية لعروس 2025

GMT 10:34 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتقاء شهيدين فلسطينيين في قصف إسرائيلي شمال غزة

GMT 07:52 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلاق تذاكر معرض كريستيان ديور مصمم الأحلام

GMT 06:17 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

3 ركائز لسياسة ترمب في الشرق الأوسط

GMT 05:49 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

بين قاهر.. وقاتل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab