عبد اللهيان إيران المنسجمة مع نفسها

عبد اللهيان... إيران المنسجمة مع نفسها

عبد اللهيان... إيران المنسجمة مع نفسها

 العرب اليوم -

عبد اللهيان إيران المنسجمة مع نفسها

بقلم - مصطفى فحص

لو افترضنا أن وزير الخارجية الإيراني السابق جواد ظريف كان يمثل بلاده في «قمة بغداد للتعاون والشراكة»، فهل كان سيقوم بالخطوة التي قام بها خلفه حسين أمير عبد اللهيان؟ على الأرجح الجواب الأكثر منطقية سيكون: لا. هذا الافتراض في الجواب ليس لأن ظريف أكثر انضباطاً ودراية بلياقات الدبلوماسية من خلفه، وحتماً ليس لأن السابق كان معتدلاً والحالي متشدد، لكن على الأغلب أن ما فعله عبد اللهيان رسالة فاصلة ليس بين مسلكين فقط؛ بل بين زمنين كذلك؛ فالنظام الذي اختار العودة إلى طبيعته الأولى التأسيسية، لم تعد تناسبه كثيراً الابتسامة الدائمة على وجه وزير خارجيته، وبات يحتاج إلى من يحمل في ملامحه جينات النظام في الشكل والمضمون.
ففي جينات النظام الإيراني مضامين كثيرة؛ تبدأ من العقدة الإمبراطورية إلى هاجس العظمة، مروراً بمكانة إيران وموقعها، وهذا ما بات واضحاً في أدبيات النظام وتصرفاته وسردياته، وانشغالاته في البحث الدائم عن كيفية تمظهر الحضور الإيراني مهما كان مكلفاً؛ إلا إنه ضروري لإرضاء غرور النظام المتورم العالق دائماً في عدّ انتصاراته وهزيمة أعدائه، بهدف تغطية قلقه الدائم من الفشل المستمر في إيجاد مكان آمن لإيران في العالم.
اختصر عبد اللهيان الوقت على جميع الذين سيتابعونه من أجل اكتشاف طبيعته وطبائعه، حيث بدت ملامح السياسة الحكومية الجديدة المرسومة على وجه وزير خارجيتها لا تحتاج إلى وقت لفهمها، فطبيعة مؤسسات النظام ستتطابق كلياً مع طبائعه، وهذا التطابق سيساعد على تخطي معضلة كانت تواجه الجميع في كيفية التعاطي مع إيران في العقود الثلاثة الأخيرة، حيث واجه العالم 3 طبائع للسياسة الخارجية الإيرانية؛ الأولى الرسمية وكانت تمثل الحكومة، والثانية كانت تمثل النظام وتعبر عن موقف بيت المرشد، والثالثة يمكن اعتبارها تمثل الجهاز الثوري، وكانت تمثل السياسة الخارجية لـ«الحرس الثوري» عبر «فيلق القدس». أما الآن ومع حكومة الرئيس إبراهيم رئيسي فإنه لأول مرة منذ عهد الرئيس الأسبق محمد خاتمي، تقدم إيران سياسة خارجية موحدة متطابقة بين جميع مؤسسات الدولة والنظام.
فعملياً قفزة عبد اللهيان من الصف الثاني إلى الأول أثناء التقاط الصورة التذكارية لقمّة بغداد الأخيرة، ليست إلا إشعاراً إيرانياً بأن هذه الحكومة لن تتردد في القفز فوق كل الأعراف الدبلوماسية والعلاقات الإقليمية والدولية وكل ما تتطلبه علاقات حسن الجوار، وهي تثبيت للهيمنة على 4 عواصم عربية، والتشدد في الملفات كافة، وأن ما سوف يطرح في أي مفاوضات مستقبلية مع المجتمع الدولي لا يمكن أن يتخطى الملف النووي وأنه لا مجال للبحث في النفوذ أو الصواريخ الباليستية.
خطوته إلى الصفوف الأولى هي تثبيت لجغرافيا التوسع الإيرانية، وأن طهران هي من تحدد أين تقف وأين ستكون، وهذا ليس بالضرورة من موقع القوة؛ ولكنه أيضاً من منطلق عنجهية فارغة لا تستند إلا إلى خطاب واهم وأدوات تخريبية تقايض الأمن بالاستقرار. وهذا ما بدا واضحاً منذ اليوم الأول لتنصيب رئيسي الذي ترافق مع ضربات من مسيّرات إيرانية لأهداف بحرية في مياه الخليج العربي.
المفارقة أن الضجة التي حاول عبد اللهيان إثارتها أثناء التقاط الصورة التذكارية لقمّة بغداد، وكلام «الخارجية» الذي برر تصرفه بأنه وقف في المكان الذي يناسب إيران، لا ينسجمان مع الرهاب الذي أصاب أركان النظام الإيراني من صورة نشرها سفير روسيا لدى إيران مع نظيره البريطاني على درج السفارة الروسية في ذكرى التقاط الصورة التذكارية لقمّة طهران عام 1943 والتي جمعت حينها «روزفلت وتشرشل وستالين»، والذي يكشف حجم التوتر الإيراني من المستقبل بعدما أعادت الدول الفاعلة في الشرق الأوسط ترتيب مصالحها استعداداً لأي تحولات محتملة على الصعيدين الدولي والإقليمي، خصوصاً بعد الانسحاب الأميركي من أفغانستان.
وعليه؛ فإن إيران القديمة الجديدة التي قررت بعد فرض انتخاب رئيسي العودة إلى «مرحلة البداية 1980»؛ أي إلى الحكومة الثورية المنسجمة مع أهداف النظام، ستذهب إلى خيارات أكثر تشدداً، وتقطع الطريق على كل الذين راهنوا على أن الفرصة ممكنة الآن للتفاهم مع مؤسسة الحكم؛ إذ سيكتشفون أنه حتى لو تغير العالم؛ فإن هذا النظام لا يتغير.

arabstoday

GMT 03:41 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

ثلثا ميركل... ثلث ثاتشر

GMT 03:35 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

مجلس التعاون ودوره الاصلي

GMT 03:32 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

عندما لمسنا الشمس

GMT 03:18 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

رسالة إلى دولة الرئيس بري

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عبد اللهيان إيران المنسجمة مع نفسها عبد اللهيان إيران المنسجمة مع نفسها



GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 21:53 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

زينة وباسم سمرة معاً في الدراما والسينما في 2025
 العرب اليوم - زينة وباسم سمرة معاً في الدراما والسينما في 2025

GMT 20:36 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الأمير الحسين يشارك لحظات عفوية مع ابنته الأميرة إيمان

GMT 02:56 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

النيران تلتهم خيام النازحين في المواصي بقطاع غزة

GMT 17:23 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنتر ميلان الإيطالي يناقش تمديد عقد سيموني إنزاجي

GMT 16:59 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يتوعد الحوثيين بالتحرّك ضدهم بقوة وتصميم

GMT 17:11 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

اتحاد الكرة الجزائري يوقف حكمين بشكل فوري بسبب خطأ جسيم

GMT 02:52 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 10 ركاب وإصابة 12 في تحطم طائرة في البرازيل

GMT 06:45 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

انفجار قوي يضرب قاعدة عسكرية في كوريا الجنوبية

GMT 17:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

.. قتلى في اصطدام مروحية بمبنى مستشفى في تركيا

GMT 11:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

GMT 10:40 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

الكرملين ينفي طلب أسماء الأسد الطلاق أو مغادرة موسكو
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab