السيستاني ومرجعية الدولة

السيستاني ومرجعية الدولة

السيستاني ومرجعية الدولة

 العرب اليوم -

السيستاني ومرجعية الدولة

بقلم : مصطفى فحص

 

قرع المرجع الأعلى للمسلمين الشيعة في العالم علي السيستاني، جرس الإنذار، ولكن يبدو كأنه الأخير قبل وقوع واقعة صعبة لا قدرة للعراقيين، دولةً وشعباً، على تحمل تداعياتها. مخاطر محتملة دفعت السيستاني إلى الكلام بعد صمت طويل، عبّر من خلاله عن عدم رضاه أو اعتراضه على التجربة السياسية العراقية لنظام 2003. الذي بات عالقاً بين أمرين: إما الإصلاح الجذري، وإما الفوضى القاتلة. فخلال استقباله ممثل الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثتها في العراق (يونامي) محمد الحسان، دعا المرجع الأعلى إلى حصر السلاح بيد الدولة، ورفض التدخلات الأجنبية أياً كانت، ومكافحة الفساد.

دعوات السيستاني ليست جديدة، فهي ثوابته التي يتمسك بها ويُصر على تكرارها أمام كبار زواره من غير السياسيين العراقيين الذين يرفض استقبالهم منذ 10 سنوات، ويذكّر بها مقلديه وهم الأغلبية في العالم من أتباع المذهب الجعفري. عاد إلى التمسك بها والتذكير بها بعد صوم سياسي طويل، اختار أن يكسره في توقيت مفصليّ من تاريخ العراق والمنطقة.

التوقيت إذاً، هو ما يجعل موقف المرجع الأعلى استثنائياً رغم تكراره، فلعل في تكراره تحذيراً مما تعتقده المرجعية الدينية في النجف خطراً داهماً على العراق ونظام ما بعد 2003، ورسالة قاسية وصريحة إلى ما تسمى البيوتات السياسية التي أنتجها هذا النظام، والتي قامت بدورها في إنتاج السلطة ولكنها فشلت في إنتاج الدولة، وهو الدافع الأساسي لكلامه التحذيري.

المكان أيضاً من النجف، مركز الثقل الروحي للطائفة الشيعية في العالم، التي تمارس دوراً رعوياً عاماً، من موقع الناصح وليس الحاكم، الداعي للحفاظ على الأفراد أو الجماعة الوطنية أيّاً كان انتماؤها القومي أو الديني أو المذهبي، من موقع الدولة لا سواها، باعتبار أن المسألة الوطنية، عراقية كانت أم لبنانية، هي شأن الأفراد، أي المواطنين، في دولة عادلة كانت أم جائرة، لكنها وحدها من يتحمل مسؤولية السلامة الوطنية.

سارعت القوى السياسية المعنية تحديداً بكلام السيستاني، أي «الإطار التنسيقي» الحاكم، إلى تأكيد كلامه، ولكن المرحلة تستدعي الالتزام والتنفيذ، وهذا ما يبدو صعباً أو شبه مستحيل في هذه المرحلة. رغم كل المخاطر، فكلام السيستاني يرفع أي غطاء فقهي أو شرعي عن ثنائية السلطة والسلاح التي تحكم العراق ما بعد نظام صدام وتتحكم فيه وفي لبنان أيضا. وهي دعوة صريحة لها لتخليها عن مكاسبها غير المشروعة وعن نفوذها على حساب الدولة والمجتمع، وهو في الوقت نفسه يحمل مسؤولية ما ستؤول إليه الأمور ومخاطر إضعاف الدولة واحتكار فئة ما لقرارها.

ما قاله السيستاني يدوّي في بغداد وبيروت أيضاً وعواصم أخرى معنية بموقفه، فيه قياس للمصلحة الوطنية بعيداً عن الانتماء العقائدي العابر للأوطان، يرى فيه أن الولاء للدولة فوق الولاءات كافة، وأن سلامة الأوطان والأرواح هي التي تضمن سلامة الدين والطائفة والمذهب والعقيدة.

ما صارح به السيستاني العراقيين صعب، إذ قال: «أمام العراقيين مسار طويل حتى يصلوا إلى تحقيق ذلك، أعانهم الله على هذا المسار»، أي محاربة الفساد المالي والإداري ومسألة حصر السلاح بيد الدولة. وهذا ينطبق على لبنان أيضاً، فهو كلام ليس للتاريخ بل هو للمستقبل. حيث يقول أحد أعلام المدرسة التاريخية الحديثة إن «التاريخ ليس عِلم معرفة الماضي، بل هو عِلم البشر في الزمن التاريخي، والزمن التاريخي ماضٍ وحاضر ومستقبل».

arabstoday

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 06:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 06:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 06:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 06:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 06:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

GMT 06:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السيستاني ومرجعية الدولة السيستاني ومرجعية الدولة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 17:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان
 العرب اليوم - الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab