ما بعد «أرامكو»

ما بعد «أرامكو»...؟

ما بعد «أرامكو»...؟

 العرب اليوم -

ما بعد «أرامكو»

بقلم : مصطفى فحص

بعد هجوم بقيق اختارت طهران سلوكاً جديداً في مواجهة العقوبات الأميركية القاسية عليها؛ سلوكاً أقرب إلى قرار الانتحار، الذي يتشكل عادة في وعي الفرد أو الجماعة أو الحزب أو السلطة عندما يصلون إلى قناعة بأنه ليس لديهم شيء يخسرونه.

وفي الحالة الإيرانية، فإن حالة الاختناق والحصار التي يمر بها النظام تدفعه إلى القيام بخطوات مؤذية لنفسه وللآخرين من الصعب توقع حجم تداعياتها في منطقة تعجّ بصراعات النفوذ الجيوسياسي والاقتصادي والعقائدي، وقد وضع الكاتب بنجامين هارفي اليد على الجرح الإيراني عندما استعان في مقال له نشره على موقع «بلومبرغ» بما قاله المفكر الاستراتيجي الصيني الجنرال صن تيزو في كتابه الشهير «فن الحرب» بأنه «من الضرورة توفير فرصة هروب للخصم المنهك الضعيف، فلا تضغط بقوة على عدو يائس».

والأخطر في حالة الاختناق الإيراني أن تكون طهران قد لجأت إلى خياراتها اليائسة بالهجوم على «أرامكو» وهي على قناعة بأن الحسابات التكتيكية والاستراتيجية لخصومها الإقليميين والدوليين ستتجنب الرد كما فعلت سابقاً عندما قامت طهران بإسقاط طائرة مسيّرة أميركية فوق مياه الخليج العربي، مما يعني أن احتمال قيامها بضربة جديدة بات ممكناً، وهو احتمال سيشكل توقيته وحجمه حرجاً كبيراً لكل القوى العالمية، خصوصاً الدول الكبرى المضطرة حينها للذهاب نحو اعتماد سلوك جديد في التعامل مع طهران رداً على اختيارها أساليب غير تقليدية في مواجهة محاولات إخضاعها بالعقوبات. وهو ما بدا واضحاً من خلال تصريحات مسؤولين دوليين في الأيام الماضية، حيث ظهرت أولى ملامح التشدد الأوروبي في التعامل مع نتائج التحقيقات في هجوم «أرامكو» في البيان الثلاثي الذي صدر بعد لقاء المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، والذي حمّلها مسؤولية الاعتداء الذي جرى في 14 سبتمبر (أيلول) الحالي على «أرامكو»، ودعاها إلى «الانخراط في الحوار والإحجام عن خيار الاستفزاز والتصعيد». وأكد البيان أنه «حان الوقت لإيران كي تقبل بإطار مفاوضات طويل الأمد على برنامجها النووي وكذلك على القضايا الأمنية الإقليمية، والتي تشمل برامجها الصاروخية». فيما كان لافتاً موقف رئيس الوزراء البريطاني الذي أيّد موقف واشنطن الداعي إلى التوصل إلى اتفاق جديد، وهو الأمر الذي تحاول طهران تجنبه.

عملياً؛ حسابات الشدّ والجذب بين طهران والمجتمع الدولي، خصوصاً الأطراف المُصرّة على توفير فرصة تفاوضية تؤمن لها ممراً للخروج من عزلتها المتصاعدة، جاءت على لسان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي يقوم منذ نحو شهر بدور الوسيط بينها وبين واشنطن، والذي عدّ يوم الاثنين الماضي أن قواعد اللعبة بعد هجوم «أرامكو» قد تغيرت الآن، وأكد تمسكه بمساعي الحل، عادّاً أن «الاعتداء يُظهر أهمية استمرار الوساطة الفرنسية بين إيران والولايات المتحدة».

محاولات تجنب التصعيد ستأخذ حيزاً كبيراً من النقاشات داخل أروقة الأمم المتحدة على هامش اجتماعات الجمعية العمومية، حيث تتصدر الأزمة الإيرانية قائمة المحادثات التي سيجريها زعماء الدول الكبرى حول الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط.

ومما لا شك فيه أن المسألة الإيرانية، أصبحت أزمتها النووية عبئاً على المجتمع الدولي العالق بين ضرورة الحفاظ على مسار المفاوضات تحت جميع الضغوط، ومخاطر الإعلان عن فشلها، لأن ذلك سيعني فشل الوساطات الدولية، مما سيؤدي إلى رفع إيران مستوى التصعيد من جديد؛ الأمر الذي سيدفع إلى التفكير في خيارات غير تقليدية لردعها، خصوصاً إذا لم تحقق سياسة العقوبات أهدافها.

بعد «أرامكو» لم يعد سهلاً على طهران القيام باستهداف جديد لمصالح حلفاء واشنطن التقليديين في الخليج العربي، لأنه سيجعل منها معضلة عالمية وليست خليجية فقط. وهذا ما يؤكده الكاتب السعودي عبد الرحمن الراشد في مقال له نشرته «الشرق الأوسط» تحت عنوان «إيران معضلة أكبر من السعودية»، عندما عدّ أن «إيران كابوس عالمي، لم يتم التعامل معها بجدية كافية وردعها مبكراً، ولا يفعل المجتمع الدولي أكثر من التحذير والتأجيل في وقت تستقوي فيه إيران مع مرور الوقت». ومحاولات الاستقواء الإيراني مستمرة من خلال إعلان الرئيس الإيراني حسن روحاني قبل توجهه إلى نيويورك عن «مبادرة هرمز» التي سيقدمها في الأمم المتحدة وستدعو لتحقيق سلام في المنطقة بمشاركة دولها فقط.

إلا أن رسالة روحاني لحقت بها رسائل إيرانية تحذيرية عبر بغداد؛ حيث سقطت فجر الثلاثاء قذائف «مورتر» عدة في محيط السفارة الأميركية، ومن الممكن أن تسقط في المرة المقبلة داخل السفارة. فمرحلة ما بعد «أرامكو» تضع الجميع أمام مسؤولياتهم، فإما أن تتصرف طهران بعقلانية، وإما أن تتوقع ما هو أسوأ تفاوضياً، أو...

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما بعد «أرامكو» ما بعد «أرامكو»



GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 09:52 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

أحمد حلمي يكشف تفاصيل لقائه بتركي آل الشيخ وجيسون ستاثام
 العرب اليوم - أحمد حلمي يكشف تفاصيل لقائه بتركي آل الشيخ وجيسون ستاثام

GMT 10:40 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

الكرملين ينفي طلب أسماء الأسد الطلاق أو مغادرة موسكو
 العرب اليوم - الكرملين ينفي طلب أسماء الأسد الطلاق أو مغادرة موسكو

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس

GMT 07:06 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 6 في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة

GMT 17:33 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

حرب غزة ومواجهة ايران محطات حاسمة في مستقبل نتنياهو

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab