جنبلاط وضفة نهر جاف

جنبلاط وضفة نهر جاف

جنبلاط وضفة نهر جاف

 العرب اليوم -

جنبلاط وضفة نهر جاف

بقلم - مصطفى فحص

نجح «حزب الله»، سياسياً ومعنوياً، في تجفيف ماء النهر الذي يجلس وليد جنبلاط على ضفته ينتظر جثة عدوه، مستنداً إلى واقع لبناني وسوري تجلى بوضوح في المقابلة الأخيرة للأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله، الذي نبّه من خاصموه ومن عادوه بأنه آن الأوان ليدركوا أن لا ماء سيسيل في المجرى، ولا جثث ستطفو على السطح بعد اليوم، فالحزب الذي أنهى مهمته في سوريا، وعاد «منتصراً»، بعد تفاهم مع موسكو، التي باتت مهمتها حماية النظام وتعويمه إقليمياً ودولياً في عهدتها، بدأ يمارس دور المنتصر القادر على فرض شروطه على الجميع.

من الواضح بالنسبة لـ«حزب الله» أن وليد جنبلاط هو آخر من يحاول البقاء خارج وصايته على لبنان، من خلال إصراره على رفض التعايش مع فرضية أن رأس النظام السوري لم ولن يسقط، وبأنه لن يتخلى عن دوره في مواجهة محاولات إعادته إلى لبنان، باعتبار أن لبنان الساحة الوحيدة التي يمكن من خلالها إنعاشه إقليمياً، إضافة إلى تمسكه بالصيغة اللبنانية التي حرص جنبلاط مع بطريرك الموارنة الراحل نصر الله صفير على تحصينها بمصالحة الجبل، لذلك يبدو أن قرار مواجهة جنبلاط قد اتخذه من تبقى من الأجهزة الأمنية السورية بمباركة من «حزب الله»، ودون اعتراض روسي، الأمر الذي جعل منطقة جبل لبنان، وهي مناطق نفوذ جنبلاط التقليدية، مختبراً ميدانياً في الإعداد للمرحلة المقبلة تفرض نقل المواجهة إلى عقر داره، من خلال افتعال اشتباك درزي درزي يؤدي إلى إرباك جنبلاط وعزله، وهي اللحظة التي ينتظرها أعداؤه من أجل انتزاع تنازلات سياسية تكسر الأحادية الدرزية، عبر التلويح بلعبة الدم الداخلي التي تقلقه في مرحلة انتقالية يشهدها البيت الجنبلاطي، تطلب انتقالاً آمناً بأقل الخسائر، انتقالاً يضمن وحدة الصف الدرزي مستقبلاً والالتفاف حول الزعامة الجنبلاطية، التي يبدو أنها ستُعاقب على ما ارتكبته من معاصٍ سياسية أزعجت المحور الذي يعتبر نفسه منتصراً، وعرقلت إعلان سيطرته المبكرة على لبنان، وقامت بدور داعم لثورة الشعب السوري لا يمكن للعقل الأمني السوري تجاوزها.
فمما لا شك فيه أن تداعيات الأزمة الأخيرة التي افتعلتها الزيارة الاستفزازية التي قام بها رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل إلى الجبل، باتت أبعد من تسليم متهمين أو إحالة القضية إلى المجلس العدلي، أو إعطاء حصة وازنة في التوظيفات الرسمية لأطراف درزية غير وازنة، بل إن الكمين السياسي الذي نُصب لجنبلاط كان هدفه العمل على تحجيم دوره نهائياً، وذلك انسجاماً مع مشروعات فرض صيغة لبنانية جديدة تؤسس لمرحلة ما بعد «الطائف»، وفي هذا الصدد يقول الكاتب اللبناني علي الأمين في مقال نشرته صحيفة «العرب» اللندنية، تحت عنوان «جنبلاط ينتظر على ضفة النهر»، «إن كان المنفذون من دائرته الدرزية أو من (التيار الوطني الحر)، فقد بدأ جنبلاط يخوض معركة وجودية تطال بظنه منع تغيير قواعد النظام التي رست بعد (الطائف)».
وعليه فإن الطرف الأقوى في المعادلة اللبنانية قد نجح في تشكيل كتلة سنية موالية له مؤلفة من سبعة نواب ووزير، كسر من خلالها أحادية تمثيل الحريري للسنة، كما أنه نجح في وضع حد لطموحات خصومه الموارنة المقيدين بـ«تفاهم معراب»، الذي فتح الباب أمام جبران باسيل على مصراعيه للاستئثار بالمواقع المسيحية، وهو ما يخطط له الآن لشق الصف الدرزي من خلال بدء معركة تصفية الحسابات مع جنبلاط.
يحاول وليد بيك جنبلاط مسك العصا من النصف، يبحث عما يمكن أن يراه قاسماً مشتركاً في خطاب خصومه، فوجد ضالته في فلسطين التي اعتبرها المكان الوحيد فقط الذي يلتقي فيه مع السيد نصر الله، أما باقي الملفات فهي خلافية، ولكن في الواقع فإن «حزب الله» الذي قرر أن الطريق إلى القدس تمر عبر كافة المدن السورية، لن يتردد في الدخول إلى كافة القرى الدرزية عبر أدواته من الدروز وغير الدروز، من أجل تطويع جنبلاط سياسياً، أو وضعه أمام خيارين لا ثالث لهما: إما المواجهة وإما الانكفاء.
منذ بيان المطارنة الموارنة الشهير في شهر سبتمبر (أيلول) عام 2000 انتقل التمثيل السياسي لوليد جنبلاط إلى الفضاء الوطني، وبعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري توّجته جماهير «قوى 14 آذار» زعيماً وطنياً عابراً للطوائف، استطاع خلالها كسر محرمات سياسية لا يمكن لخصومه نسيانه أو تجاوزها، فمشكلة جنبلاط الذي يراهن دائماً على التسوية، حتى لو لم تكن عادلة، أنه يواجه فريقاً سياسياً إقليمياً يتعامل مع السياسة بعقلية رجل الأمن الذي يؤرشف الحدث، ولا ينساه.

 

arabstoday

GMT 00:23 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل و«حزب الله».. سيناريو ما بعد التوغل

GMT 00:28 2024 الخميس ,13 حزيران / يونيو

مكاشفات غزة بين معسكرين

GMT 00:37 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

التطبيع بعد القمة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جنبلاط وضفة نهر جاف جنبلاط وضفة نهر جاف



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 16:20 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

ضربات أمريكية لمنشآت بمحافظة عمران اليمنية

GMT 15:00 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الأهلى القطرى يعلن تجديد عقد الألمانى دراكسلر حتى 2028

GMT 14:49 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الاحتلال يقتحم عدة بلدات في القدس المحتلة

GMT 02:00 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

حرائق ضخمة في لوس أنجلوس تجبر الآلاف على إخلاء منازلهم

GMT 14:26 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

"الخارجية الفلسطينية" تدين جريمة الاحتلال فى جنوب شرق طوباس

GMT 17:23 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

هيا الشعيبي تسخر من جامعة مصرية والشيخة عفراء آل مكتوم ترد

GMT 10:42 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

رامي صبري يتحدث عن إمكانية تقديمه أغاني خليجية

GMT 23:27 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

زوجة رامي صبري تبدي رأيها في أغنية فعلاً مبيتنسيش
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab