إيران والجغرافيا العربية المفيدة

إيران والجغرافيا العربية المفيدة

إيران والجغرافيا العربية المفيدة

 العرب اليوم -

إيران والجغرافيا العربية المفيدة

بقلم : مصطفى فحص

من دون الحاجة لقرار تقسيم كالذي صدر في عام 1947 ،وحمل رقم 181 ،والذي نّص على إنشاء دولتين فوق أراضي فلسطين التاريخية، وتسبب بنزوح مئات آلاف الفلسطينيين من مدنهم وقراهم، بعدما أصبحوا بين ليلة وضحاها يقعون ضمن حدود دولة غريبة، وعليهم ترك أرزاقهم لشذاذ آفاق مدججين بالسلاح، أطلق عليهم لقب مستوطنين، والمفارقة أن الفلسطينيين في بداية رحلة شتاتهم حملوا معهم مفاتيح منازلهم، فقد كانوا على أمل في أنهم سيعودون يوما، متمسكين حتى الآن بقرار حق العودة رقم 194 كسلاح استراتيجي بوجه الغطرسة الإسرائيلية. أما أهالي داريا، فقد أُجبروا على الخروج، تاركين خلفهم حطام ذكرياتهم عن تراب دافعوا عنه حتى الرمق الأخير، ولم يترك لهم المتدخلون الجدد حاجة لمفاتيح يحملونها، بعدما سووا

منازلهم بالأرض، والأغرب أن الأمم المتحدة التي رعت ترحيلهم، تجنبت الإشارة إلى حقهم بالعودة يوما ما! بعد القصير والقلمون ويبرود، ونواٍح واسعة من الغوطتين، وقريبا ما تبقى من الوعر والزبداني ومضايا والمعضمية، يشكل احتلال داريا من قبل تنظيم الأسد وميليشيات إيران حلقة متقدمة من مخطط العبث بالديمغرافيا السورية المطلوب تصفيتها جغرافيا، لكي تضمن طهران استقرارا دائما للسلطة في دمشق من جهة، ومن جهة أخرى إفراغ شريط الحدود السورية المحاذية للبنان من المكون السوري الذي يناهض نظام الأسد، وهم الأغلبية المسلمة السنية التي بدأ يتحول من تبقى منها ضمن حدود سوريا المفيدة إلى أغلبية ممزقة، ممنوعة من إعادة تجميع قواها، مجبرة على القبول بمقتضيات الانتداب الإيراني عليها، وإلا أُلحقت مدنها وقراها السالمة حتى الآن بنموذج داريا وأخواتها.

السطو السياسي الإيراني المسلح على هذا الجزء من سوريا، الممتد من حمص مرورا بدمشق وريفها حتى تخوم الجولان، تحاول طهران استخدامه كسلاح وصاية جديدة على لبنان، فسوريا المفيدة ليست مفصولة عن جوارها، وتأثيرها السياسي سيصل بيروت، حيث تعد طهران العدة من أجل تحويلها نهائيا إلى جزء من الجغرافيا العربية المفيدة ضمن نطاق مصالحها، وهذا يتطلب تغييرا في طبيعة النظام اللبناني، حيث يصبح تفاق الطائف حجر عثرة في وجه هذا المشروع، مما سيتسبب بصدام حتمي مع المتمسكين به، والداعين إلى تطبيقه كاملا قبل الحكم عليه، ولا يمكن فصل استهداف الطائف في هذه المرحلة عن استهداف المكّون
السني اللبناني، الذي يحاول حزب الله بشتى السبل إخضاعه لإرادته السياسية والأمنية، والتعامل معه من منطق المنتصر في سوريا، مستفيدا من التراجع العربي عن دعم لبنان، ومن حالة عدم الاستقرار التي يمر بها تيار المستقبل، بصفته الممثل الأكبر لسنة لبنان، والحليف الأقوى لباقي الجماعة السياسية اللبنانية المؤمنة
فعليا ببنود اتفاق الطائف الدستورية، فإضعاف المستقبل والسنة هو السبيل الفعلي لحزب الله من أجل فرض مرشحه ميشال عون لرئاسة الجمهورية، وهو بالنسبة للحزب الشخصية المارونية الأكثر ارتباطا بطهران، الذي لا يؤمن حقا بالطائف، وهو أفضل من المرشح سليمان فرنجية الذي يؤمن فعليا بالطائف، لكنه من المحسوبين تاريخيا على آل الأسد، الذين لم يعد لهم تأثير يذكر.

وعلى الرغم من انشغال إيران بسوريا ولبنان، فإن عيونها متيقظة دوما على العراق، حيث تتمسك طهران بمنهج إخضاع بغداد لسلطتها، وخنقها سياسيا، وهو ما يحدث من خلال منع قيام دولة قوية وحكومة مستقرة، وتعطيل المصالحة الوطنية، وإغلاق أبواب التفاهم مع الجوار العربي المدان بالتقصير في الالتفات مبكرا للمصالح العربية في العراق، هذا الجوار الذي يلمس الآن مدى إمكانية تأثيره وقبوله لدى كل العراقيين من خلال التجربة القصيرة للسفير السعودي في بغداد ثامر السبهان، الذي أثار وجوده حفيظة طهران وميليشياتها، فضغطت على الحكومة العراقية من أجل طلب استبداله من الرياض، مما يكشف عمق أزمة الثقة بين الإيرانيين والعراقيين، حيث تخشى طهران من أي تقارب بين العراق والعرب، كما أن موقف أتباعها الحاد من السبهان يعكس مدى قلقها من أي دور سياسي سعودي محتمل في العراق يعرقل طموحاتها، كما هو الحال في سوريا ولبنان.

في طريقها إلى تحقيق الجغرافيا العربية المفيدة، لمست طهران عدم ممانعة إسرائيلية، وقبولا ضمنيا لدى إدارة باراك أوباما، التي وعدتها بجائزة ترضية إقليمية مقابل إنهاء مشروعها النووي، واعتراف بنفوذها على الجغرافيا العربية التي وضعت يدها عليها. وعليه، بادرت طهران إلى إبداء حسن النيات تجاه واشنطن وحليفتها في المنطقة، فخفضت وجودها في غزة إلى الحد الأدنى، لكنها في المقابل تسللت إلى اليمن بهدف تهديد الأمن القومي الخليجي، وخصوصا السعودي، بشكل مباشر، وقد مهدت انتقالها من غزة إلى صعدة عبر إزالة شعار الموت لأميركا، ورفع شعارات مغايرة.

arabstoday

GMT 00:19 2024 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

جليلي وقاليباف وبينهما بزشكيان

GMT 23:39 2024 الخميس ,20 حزيران / يونيو

مسيّرة «الهدهد» وهوكستين

GMT 00:12 2024 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

جنوب لبنان والاحتمالات الصعبة

GMT 00:15 2024 الجمعة ,31 أيار / مايو

غزة... وثنائية المحرقة والنكبة

GMT 00:08 2024 الجمعة ,24 أيار / مايو

إيران... قَدَر رئيسي وقَدَر النظام

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران والجغرافيا العربية المفيدة إيران والجغرافيا العربية المفيدة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab