سنة عض الأصابع

سنة عض الأصابع

سنة عض الأصابع

 العرب اليوم -

سنة عض الأصابع

مصطفى فحص

تستقبل طهران العام الجديد، على وقع هبوط تاريخي لأسعار النفط، التي بدأت تنعكس سلبا على تمويل سياساتها التوسعية، وتعيق طموحاتها الامبراطورية. فطهران المثقلة بهموم أوضاعها الاقتصادية الداخلية، وتأثيرها على مواطنيها، مشغولة أيضا بحماية إنجازاتها الجيوستراتيجية واندفاعاتها التوسعية، والحفاظ عليها، وبات التعويل على التفاهم مع إدارة الرئيس أوباما حول الملف النووي، كمنفذ وحيد قد يساعدها على التمكن من تثبيت ملكيتها على ما وضعت يدها عليه إقليميا، وتسريع خطواتها الامبراطورية.

وفي حين كانت 2014 سنة المآسي العربية المتنقلة ما بين فسطين وليبيا وسوريا والعراق واليمن ولبنان، كانت أيضا سنة النكبات الإيرانية؛ فلا أحد يعوض إيران خسارة حليفها الأول في بغداد نوري المالكي، وقد قامت «داعش» في العام ذاته بقطع الطريق على الهلال الإيراني ففصلت التمدد الجغرافي الإيراني بين العراق وسوريا وصولا إلى جنوب لبنان، كما لم تفلح اندفاعة حزب الله العسكرية في سوريا، وتكبده خسائر معنوية ومادية كبيرة، في تحقيق انتصار حاسم للأسد، الذي بالرغم من كل الدعم والإنفاق الذي يحصل عليه، ما زال يسيطر على أقل من 40% من أراضي سوريا. وفي لبنان لم يستطع الموالون لإيران منذ وضع يدهم السياسية والأمنية على الدولة من فرض أجندتهم، فاكتفوا بتعطيلها، وأصبحوا مضطرين الآن للقبول بالحوار مع خصومهم، والموافقة على اختيار رئيس توافقي للجمهورية، بالرغم من كل ادعاءات الانتصار. أما اليمن، فقد بدأ يتحول إلى ما يشبه صفيحا ساخنا تحت أقدام جماعة الحوثي، التي انتقلت إلى ممارسة بلطجة سياسية على أغلبية المكونات السياسية والاجتماعية اليمنية، فلن يكون بمقدورها مواجهة حرب قبلية مذهبية بدأت ملامحها تتكون، وقد تجر اليمن إلى حرب أهلية طاحنة، سيكون الحوثيون فيها أول الخاسرين.

في المقابل، نجح العرب قبل نهاية العام المنصرم، في ترتيب بعض من أوراق بيتهم الداخلي، وإنهاء الخلاف الخليجي - الخليجي والقطري - المصري، رغم هذا، يبدو أن التباين في المواقف العربية الفاعلة من الأزمة السورية، والضغوط الإقليمية والدولية، يخلق وضعا من أجل القبول بحل ربما لا يلحظ رحيل الأسد. 

فموقف القاهرة من القضية السورية، يغري موسكو باستغلاله والاستعانة به، من أجل فرض أجندة روسية - ايرانية، في المؤتمر الذي دعت إلى عقده من أجل حل الازمة السورية، والذي يقوم ضمنيا على التنصل من كل قرارات جنيف السابقة، بهدف تحقيق انتصار سياسي للأسد، كانت الآلة العسكرية الايرانية - الروسية قد عجزت عن تحقيقه ميدانيا، وبما أن الجغرافيا مفتاح حل الصراعات الاقليمية، فلا يمكن تجاوز انقرة في أي رؤية عربية للحل في سوريا، والتوصل إلى تفاهم مصلحي بين العرب والأتراك، قد يساعد على قطع الطريق على أي تفاهم مستقبلي بين طهران وواشنطن حول سوريا والعراق.

لذلك، تثبت أحداث العام المنصرم، أن العام الجديد هو عام الخيارات الصعبة، بين من يرغب في تأجيل التسويات الكبرى، وبين من يرغب في تحقيقها الآن، والفيصل بينهما الإرادة والقدرة على تحمل أعباء المواجهة، فالكلفة توقظ المنتصر من نشوته، وأسعار النفط المنخفضة تساعد على تجفيف مصادر التمويل، ولكن دون رؤية عمل مشتركة لن يتحقق التوازن المنشود؛ ففي معركة الإرادات لا سلاح محرما، ولا آلية ممنوعة، والخطوة الناقصة لأي طرف، هي بمثابة ممر لطرف آخر متربص، ينتظر فرصة قد لا تتاح له مستقبلا. ففي لعبة عض الأصابع يراهن المتواجهان على من سيصرخ أولا، ليكتب الآخر الذي أثبت قدرته على الاحتمال التاريخ كمنتصر بتأجيله إعلاء صرخته أولا.

arabstoday

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 03:56 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 03:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 03:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 03:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 03:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 03:37 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين وإسرائيل في وستمنستر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سنة عض الأصابع سنة عض الأصابع



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab