طهران والسيناريو السوري للعراق

طهران والسيناريو السوري للعراق

طهران والسيناريو السوري للعراق

 العرب اليوم -

طهران والسيناريو السوري للعراق

مصطفى فحص

حدة التناقض لم تعد خفية بين ما تحاول طهران والمالكي فرضه على العراقيين والمجتمع الدولي، وبين مطالبة المرجعية الدينية في النجف بتشكيل حكومة عراقية جديدة لا يستثنى فيها أحد، وعلى الأرجح يستبعد المالكي عن رئاستها، دون استبعاد حزب الدعوة عن المشاركة فيها.
رد المالكي وطهران على مطالب النجف المتصاعدة جاء أولا من المالكي نفسه عندما أعلن عن تمسكه بالدستور، الذي يخوله تشكيل الحكومة، لكونه مرشحا يمثل الكتلة الأكبر التي يحق لها تسمية رئيس الوزراء، ومراهنته على الحل العسكري قبل السياسي، والثاني من طهران التي رفضت التدخل الخارجي في الشؤون العراقية، الذي اعتبرته حقها الحصري في العراق، وهي تراهن حتى الآن على موافقة واشنطن على هذه الحصرية، أو الشراكة والتقاسم النسبي الأفعال والمكاسب.
وفي أقصى ما يمكن أن يقدمه الثنائي طهران المالكي لو تعرضا لمزيد من الضغوط السياسية، أو مزيد من الفشل الميداني، هو تسمية أحد الأسماء المقربة من المالكي، وهو على الأرجح أحد اثنين، فإما مدير مكتبه طارق نجم، وإما مستشاره للأمن القومي فالح الفياض، بينما يبقى القرار الفعلي للمالكي بصفته زعيم حزب الدعوة ورئيس كتلة دولة القانون، في تكرار شبيه بالسيناريو الروسي من حيث تبادل الأدوار بين بوتين وميدفيديف.
إن أي رئيس جديد للوزراء في العراق لا بد أن يخضع لشروط عراقية داخلية وأخرى إقليمية ودولية، تضع حدا لحجم تدخل طهران ولو نسبيا، والتأثير على القرار العراقي، الذي تخضعه منذ سنوات لشروط مصالحها وفي خدمة أهدافها.
تخشى طهران في حال تم تشكيل حكومة جديدة من دون المالكي، من إعادة الدور لمن استبعدتهم من العملية السياسية، ومن عملت منذ سنوات على تحجيم دورهم ونفوذهم في السلطة وخصوصا الشيعة منهم، كما أن التزامات عربية وإقليمية ودولية ستكون أمام الحكومة الجديدة في مقدمتها الملف السوري، إذ من المفترض أن يتراجع الدعم العراقي لنظام الأسد، كخيار ملزم، ما يسمح للكتل السياسية والأحزاب العراقية بالتعامل الرسمي مع المعارضة السورية من دون ضغط عليها، ومن المنطقي أن يلتزم العراق بعد استخدام أراضيه وأجوائه لعبور شحنات السلاح إلى نظام الأسد.
وليس مستبعدا إلزام بغداد بخطة واشنطن التي لمح إليها وزير الخارجية الأميركي جون كيري، بعد لقائه رئيس الائتلاف السوري المعارض أحمد الجربا، وأشار إليها وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ أثناء زيارته بغداد، ومضمونها أن المعارضة السورية المعتدلة هي الشريك السوري الوحيد في الحرب على «داعش» والإرهاب، ما يعني شراكة موضوعية بين العراق والمعارضة السورية.
من بداية الأزمة السورية رفضت طهران كل الطروحات التي طالبت برحيل الأسد، والبدء بعملية انتقال سلمي للسلطة، وانحازت للخيار العسكري وساعدت الأسد على قمع ثورة الشعب السوري، ووصلت إلى مبتغاها في سوريا بانتخابات صورية ساعدت فيها على استمرارية وجود الأسد، كما ادعى بعض مسؤوليها وقالوا إنهم هم من ثبت الأسد في السلطة، وهم قادرون على تثبيت غيره، يعني المالكي، بعد أن تمكنت طهران من تأمين العاصمة دمشق وخطوط الإمداد بينها وبين مناطق نفوذ الأسد، وساعدت ما تبقى من الجيش السوري على الصمود، من خلال الميليشيات التي أرسلتها إلى سوريا.
في العراق قد تستمر طهران في دفع نوري المالكي ومساعدته على رفض الحلول السياسية بالشراكة، مع كل الأطياف السياسية الفاعلة في العراق والممثلة بقوة في مجلس النواب، وهي مستمرة في اتهام المجتمع الدولي، الذي ربط الحل برحيل المالكي بالتدخل بالشؤون العراقية، دون أن تقفل أبواب الحوار معه تحت ضغط الملف النووي، وتلوح بالخيار العسكري لحل الأزمة لتقوية موقعها التفاوضي في جنيف، على الرغم من كل المخاطر التي تحملها الحرب، والحرب المذهبية خاصة، حيث لن يخرج منها أي فريق سالما، العراق وإيران قد لا تكونان الأقل خسارة من آثارها.
لقد ربطت طهران نفوذها في سوريا بشخص الأسد، فسيطرت على دمشق، وهي الآن تربط نفوذها في العراق بنوري المالكي و/ أو بمن يتعهد باستمرار الموافقة على هذا النفوذ وتوسيعه، ولذلك تعمل طهران على جعل بغداد محمية كدمشق، وتطوير قدرات الميليشيات التابعة لها من أجل إحكام سيطرتها، وتأمين تأثيرها على الوقائع الميدانية والسياسية من خلالها.
مأزق طهران في العراق كما في سوريا يتسع ويزداد تعقيدا، وهي تندفع أكثر في التورط لعل هناك من سيعود ويعترف لها بالدور الراجح والأقوى، إلا أن تعقيدات العراق والمنطقة تفوق حتى قدرة واشنطن في حسم خياراته بأشكال التدخل كافة، وهي تتعرض لضغوط عربية وإقليمية لا يمكن لها تجاوزها، عند الشروع باتخاذ القرار، لأن الحل في العراق مركب ومتشعب ولا يمكن تكليف إيران به وحدها، وهي لا تستطيع تحمل ذلك مهما بالغت في قوتها.

arabstoday

GMT 07:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 07:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 06:59 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 06:56 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 06:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 06:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 06:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طهران والسيناريو السوري للعراق طهران والسيناريو السوري للعراق



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab