عبد الله بن زايد والمسألة الإيرانية

عبد الله بن زايد والمسألة الإيرانية

عبد الله بن زايد والمسألة الإيرانية

 العرب اليوم -

عبد الله بن زايد والمسألة الإيرانية

مصطفى فحص

طفح الكيل يا طهران.. هكذا يمكن اختصار كلام وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد في المؤتمر الصحافي الذي عقده مع نظيره اليمني رياض ياسين، فقد نحى وزير الخارجية الإماراتي جانبًا لغة الدبلوماسية المرنة التي تعاطت بها دول الخليج العربي، وخصوصًا الإمارات، سابقًا، مع طهران، واعتمد تسمية الأمور بأسمائها، ودعا طهران إلى الكف عن محاولات تصدير ثورتها، والتعامل مع جيرانها كدول مستقلة لديها حدودها الجغرافية ونظام مصالحها وتحالفاتها وخياراتها، ويجمع شعوبها تاريخ مشترك وعميق، عمره أكثر من عمر الإمبراطوريات التي مرت على هذه المنطقة، الذي ليس بمقدورها إلغاؤه أو ترويضه أو تزويره، وهو ثابت راسخ، وليس بإمكان الحالمين أو القابعين في كهوف الماضي أن يستعيدوا فصول تفوقهم في مرحلة من مراحله، واستعماله أداة أو برهانًا، بهدف الترويج لفكرة تمايز أو قوة، أعطتهم أو تعطيهم الحق بامتلاك ما لم ولن يكون ملكًا لهم يومًا ما.
مما لا شك فيه أن العقل السلطوي الإيراني مسكون بعقدة التفوق التاريخي، ويرفض الانسجام مع الواقع المعاصر، ويستغرق في قراءة الأحجام والإمكانيات وفقًا لشروطه ومصالحه، ويرفدها بمسوغات ثقافية وعقائدية، لتبرير تدخله في شؤون الآخرين، وهو لم يتوانَ عن هدفه في تقويض الدول لمصلحة الطوائف، والطوائف لمصلحة الجماعات المذهبية، والمذهبية لمصلحة العصبية والحزبية، وتقديم الهوية الفرعية على الهوية الجامعة، وسيطرة الحزبية على الحياة العامة، واستئثارها بالمؤسسات، بهدف إضعاف سلطة الدولة والاستقواء عليها بالجماعة الطائفية، التي تختزل المصلحة العامة بمصلحتها، وترى المصلحة فقط بارتباطاتها وانتماءاتها العقائدية وعصبياتها، حيث يصبح النموذج الإيراني في اليمن والعراق وسوريا ولبنان هو النمط الصارخ لمشروع تعطيل الدول لصالح الجماعات الطائفية والمذهبية، وهذا ما عبرت عنه طهران على لسان أكثر من مسؤول، بأن هناك حلفاءً لها يقومون بأدوار تعجز دول مستقلة عن القيام بها.
لقد تغير العالم، وإيران لم تتغير، فقد دفع العالم بأسره، وخصوصًا الشعب الألماني، ثمن فكرة التفوق الآري التي غلفها أدولف هتلر بمشروعه النازي، وتبعه موسوليني بالفاشستية وهواجس استعادة أمجاد روما، ولم تتخل موسكو السوفياتية طيلة 70 عامًا عن الطموحات الإمبراطورية القيصرية، ففرضت الشيوعية والاشتراكية بالقوة على أجزاء واسعة من أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى، وأماكن متفرقة من أفريقيا وأميركا اللاتينية، لكنها فشلت على الرغم مما أوتيت من قوة وحملت من عقائد، في بناء مجتمع سوفياتي، ولم تنجح في المقابل بإلغاء هوية تلك الشعوب، التي استعمرتها تحت شعارات الاشتراكية والأممية وسلطة البروليتاريا، وها هي إيران، وعلى الرغم من ضعف إمكانياتها مقارنة مع النماذج التوسعية والاستعمارية السابقة، تمعن في تكرار تجارب أثبتت فشلها، وهي تصر على تكرار الأخطاء المميتة نفسها التي غالبًا ما يدفع ثمنها الجماعات التي يتم استدراجها، لكي تكون أدوات في صراعات الدول، كما أن الأنظمة المندفعة بطموحاتها التوسعية، لن تكون بمنأى عن تداعياتها، في أي لحظة ضعف أو تراجع، أو خلل في موازين القوى الداخلية أو الخارجية.
ليس بمقدور إيران لا حاليًا ولا مستقبلاً، أن تنقلب على مائة عام من الموروث العثماني، الذي بات راسخًا في السياسة والاجتماع، ويعتمد كناظم للعلاقات بين شعوب المنطقة، ولا يمكنها القفز فوق حدود «سايكس - بيكو»، فقد أخذت هذه الحدود الشكل النهائي للسيادة الوطنية وعنوان استقلالها، مستندة إلى توزيع ديموغرافي يستحيل تجاوزه أو تغييره، ولن يمكّنها اتفاق نووي مشكوك بالتوصل إليه، من التسلط على دول وشعوب المنطقة، فأدوات الدور والنفوذ تغيرت كثيرًا، ولو كانت القوة المقياس الوحيد لها، لما قاوم الفلسطيني الأعزل الغطرسة الإسرائيلية، ولما استمرت الثورة السورية، ولما انتهى الاستعماران البريطاني والفرنسي، وسقط الاتحاد السوفياتي وانكفأت واشنطن.

arabstoday

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 03:56 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 03:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 03:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 03:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 03:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 03:37 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين وإسرائيل في وستمنستر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عبد الله بن زايد والمسألة الإيرانية عبد الله بن زايد والمسألة الإيرانية



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab