ظريف في الكويت وقطر لـطمأنة الجيران الخليجيين

ظريف في الكويت وقطر لـ"طمأنة" الجيران الخليجيين

ظريف في الكويت وقطر لـ"طمأنة" الجيران الخليجيين

 العرب اليوم -

ظريف في الكويت وقطر لـطمأنة الجيران الخليجيين

عبد الباري عطوان

من يتابع الصحف ومحطات التلفزة الخليجية هذه الايام يجد ان معظمها يعكس قلقا واضحا من الاتفاق النووي الايرانين وتحذيرات من اخطاره، وهجمات تتواضع امامها نظيراتها في الاعلام المصري على كل من يتجرأ على طرح وجهة نظر مختلفة تجاهه، والحملة التي تعرض لها، وما زال، الكاتب محمد حسنين هيكل احد الامثلة في هذا المضمار.

القاسم المشترك في حملة التحريض والتخوين هذه هو غياب اي طرح حقيقي لمشروع متكامل، او نظرة مستقبلية لمواجهة هذا الخطر المفترض، سواء من قبل معظم الكتاب او المسؤولين على حد سواء، وهذا عائد في نظرنا الى حالة “الصدمة” التي تسود عواصم عربية تجاه لحظة الحقيقية، اي توقيع الاتفاق، حيث كانت معظم الرهانات، تعكس تمنيات، وليس قراءة علمية صحيحة، بانهيار المفاوضات في فيينا بين ايران والدول الست العظمى.

في الوقت الذي تعيش فيه الدبلوماسية العربية، والخليجية منها بالذات، حالة من “الشلل”، بفعل هذه الصدمة، تواصل الدبلوماسية الايرانية نجاحاتها في المقابل حتى في مرحلة ما بعد توقيع الاتفاق رغم الارهاق وضغط الاعصاب لاكثر من ثماني سنوات، ونشهد السيد محمد جواد ظريف وزير الخارجية الايراني “مهندس″ هذا الاتفاق، يحط الرحال في الكويت، (الاحد) في اطار جولة عربية تشمل قطر والعراق ايضا الى جانب الكويت تحت عنوان “طمأنة” دول الجوار، ولا نعرف لماذا لم تشمل ابو ظبي التي كانت الاولى والاكثر ترحيبا بالاتفاق، فهل هذا الموقف مجاملة للرياض؟

***
الكل يريد “طمأنة” العرب المذعورين، ابتداء من الرئيس الامريكي باراك اوباما الذي لجأ الى الاتصالات الهاتفية مع تل ابيب والرياض، ومرورا باشتون كارتر وزير دفاعه الذي زار العاصمتين، اضاف الى عمان الاردنية، وانتهاء بالسيد ظريف نفسه الذي اقتصرت جولته على من تجاوب مع طلبه الزيارة من الحكومات الخليجية.

من المؤكد ان السيد ظريف سيحمل معه، الى جانب الابتسامات، غصن زيتون الى مضيفيه في الكويت وقطر، ورسالة تدعو الى الحوار والتعاون الاقليمي في مواجهة الخطر المشترك وهو “الارهاب” السلفي المتمثل في “الدولة الاسلامية”، ولكن لسان حاله الذي يعكس باطنه، يقول ان ايران انتصرت، وباتت حليفة، او بالاحرى غير عدوة لامريكا والغرب حليفكم السابق، ولم تعد في “محور الشر” وجرى الاعتراف بها كقوة عظمى، فماذا انتم فاعلون، وما هي خياراتكم؟

نحن نجيب على هذا السؤال، ودون ان يكلفنا احد بهذه المهمة، ونقول ان امام الدول العربية “القلقة” من الاتفاق النووي الايراني وتبعاته خيارين لا ثالث لهما:

الاول: فتح قنوات الحوار مع ايران من اجل التوصل الى حلول للقضايا الخلافية الاقليمية مثل الحربين في سورية واليمن، والانقسام الطائفي في العراق، والمنطقة باسرها، وكيفية مواجهة التنظيمات “الجهادية” المتشددة التي تهدد استقرار المنطقة، حسب اقوال الحكومات الاقليمية جميعا.

الثاني: مواجهة ايران عسكريا، وشن حروب ضدها، بالانابة او مباشرة.

الخيار الاول هو الاكثر عقلانية، لان الثاني مكلف جدا، والدول العربية، والخليجية منها خاصة، غير جاهزة له في الوقت الراهن على الاقل، فاذا كان القضاء على الحوثيين بدائيي التسليح والتدريب لم يتحقق بعد ثلاثة اشهر من القصف الجوي المتواصل المرفق بحصار بري وجوي وبحري، وتحشيد للقبائل والمقاتلين، فكيف سيكون الحال مع ايران التي تملك مخزونا من الصواريخ يزيد عن 200 الف صاروخ من مختلف الابعاد والاحجام وغواصات، واسطول بحري متقدم، ومئات من الزوارق الحربية الصغيرة والسريعة التي لا ترصدها الرادارات، وجيش يملك خبرة قتالية ضخمة، ويمكن ان تتحول الى زوارق انتحارية، ولا ننسى امتلاكها لمئات الكيلوغرامات من اليورانيوم عالي التخصيب يمكن ان تلوث مياه الخليج في دقائق معدودة.

اللافت ان بعض الدول الخليجية، والمملكة العربية السعودية، الشقيقة الكبرى، على وجه التحديد، اختارت دبلوماسية “الحرد” وفضلت ان تعبر عن غضبها تجاه الاتفاق النووي، ولم ترحب الا بفقرة واحدة منه وهي التي تنص على ابقاء الحظر العسكري لمدة خمس سنوات.

في الاحوال الطبيعية، وعندما يكون هناك حدث جلل ومقلق، تتداعى دول المنطقة المتضررة، او القلقة، الى اجتماع على مستوى القمة، او حتى على مستوى وزراء الخارجية للتداول فيما بينها للوصول الى موقف مشترك تجاه هذا الحدث، ووضع الخطط لمواجهته، او تقليص اخطاره، سلما او حربا، ولكن هذا لم يحدث، ونحن نتحدث هنا صراحة عن مجلس التعاون الخليجي، فهل يعود ذلك الى حالة من اللامبالاة، ام الانقسام في مواقف الدول الست؟
الغريب ان بعض المحللين الخليجيين لبسوا بزات الجنرالات وباتوا يتحدثون بلغة اقرب الى لغة العميد احمد عسيري الناطق باسم “عاصفة الحزم” ويفرضون شروطا واملاءات على ايران، مثل ان عليها فعل كذا في الملف السوري، وذاك في الحرب اليمنية، وثالث في العراق، وهذا اسلوب ينطوي على “حالة انكار” غير مسبوقة لموازين القوى في المنطقة، وانقلاب المعادلات السياسية والعسكرية بعد الاتفاق النووي الامريكي.

***

لنكن صرحاء، وليتحملنا البعض، الذي يصاب بحالة من الغضب تجاه اي رأي آخر مختلف، بأنه لا يوجد اي مشروع عربي سياسي او عسكري في مواجهة القوة الايرانية المتنامية في الوقت الراهن، او السنوات الخمس القادمة، ان لم يكن اكثر، فاذا اخذنا المملكة العربية السعودية التي من المفترض ان تكون الاكثر تأهيلا لقيادة هذا المشروع، فاننا نجدها على خلاف خفي مع مصر، وفي حرب مع سورية والعراق، واخرى في اليمن، وعلاقات باردة مع معظم دول المغرب الكبير، ونحن لا نتحدث هنا عن الخلافات البينية الخليجية، وما زيارة السيد ظريف الى دولتين خليجيتين (الكويت وقطر) وعلاقة بلاده القوية مع ثالثة (سلطنة عمان) الا دليل على ما نقول.

الجامعة العربية “مجمدة” ولم تعد تصلح حتى كمظلة لاي لقاء على مستوى المندوبين، ومؤسسة القمة العربية فقدت اهميتها، والمشروع العربي الوحيد الذي يمكن رصده هذه الايام هو “التناطح” الاعلامي، والتنافس على تشييد امبراطوريات اعلامية تخاطب متلقين وهميين، انصرفوا الى الاعلام الجديد المجاني الذي لا يكلف المليارات، ولا يحتاج الى النجوم والنجمات، سافرات او محجبات.

الحكومات العربية تتصرف مثل شخص “فاقد الوعي” من شدة الضربات فوق رأسه، يعيش حالة من الذهول والتوهان في الوقت نفسه، ومن المؤلم ان هذه الحالة قد تطول لاشهر او حتى سنوات.

اليوم يزور ظريف عواصم دول في المنطقة، ويوزع ابتساماته وظرفه على مضيفيه وعدسات تلفزتهم، وغدا ربما سيلحقه الرئيس روحاني، فالعجلة الدبلوماسية الايرانية لا تتوقف عن الدوران، ونسأل اين العرب، اين دبلوماسيتهم، اين قادتهم ووزراء خارجيتهم؟

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ظريف في الكويت وقطر لـطمأنة الجيران الخليجيين ظريف في الكويت وقطر لـطمأنة الجيران الخليجيين



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab