بقلم : أسامة الرنتيسي
يستمر مارثون الخطابات النيابية في مشروع قانون الموازنة، سمعنا في اليوم الأول كلاما قاسيا في وجه الحكومة، ولغة عنيفة تدل على أن هناك نيات لرفض الموازنة.
لكن بالتجربة والمراجعة فقد قست مجالس نيابية سابقة أكثر من ذلك على حكومات، وفي النهاية النواب كرماء، سيمررون مشروع الموازنة حتى لو كان العجز غير مسبوق، والمديونية إلى ارتفاعات غير مسبوقة أيضا.
سمعنا كلاما عن أن “الأردن لم ولن يكون أسيرا لصندوق النقد والبنك الدُّوليين”، وأن “الأردن يملك قراره من الألف إلى الياء”…
وسمعنا عن إعادة النظر في السلع المدعومة، وعن حزمة إجراءات وقرارات اقتصادية لمصلحة المواطنين، لكن أكثر ما يستفز عندما تصرح الحكومة أنها تريد أن تصلح الجانب الاقتصادي.
نعلم جيدا حجم واقع موازنة العامة للدولة الأليم، ونعلم أننا بحاجة إلى جراحات قاسية، لكننا نتابع أخبار العالم الغارق في الديون والمجاعات والقلاقل.. وعالمنا العربي الغارق في البؤس والإحباط.
لست متخصصا في الاقتصاد، لكن لو سألت الرئيس الأمريكي بايدن قبل أن يغادر البيت الأبيض عن الوضع لديه وسط بحر الديون المالية فلربما لن يعرف كيف يجيبك، ولو سألنا الأوروبيين فإنهم هم أيضا لم يعودوا عارفين كيف يعالجون أزماتهم المتلاحقة.. والشيء نفسه في آسيا، حيث ثمة تحذيرات من أن انهيارات اقتصادية في عدة دول، حتى اليابان وجدت نفسها مقترضة أكثر من إنتاجها القومي، فشعار العالم الآن: اقترض ولا تسدد.. بل ارفع سقف الاقتراض.
الرخاء الاقتصادي للدول الصناعية الكبرى كأمريكا بُني على باطل من التقديرات الاقتصادية الكاذبة، وهذا يعيد إلى الذاكرة نكتة أكررها دائما، توضح كيف أن الاقتصاد العالمي بُني على خدعة الاقتراض والوهم.
يُحكى أن سائحا أمريكيا ذهب إلى فندق في إحدى الدول، وطلب غرفة، ووضع أمام صاحب الفندق 100 دولار، وطلب معاينة الغرف لاختيار واحدة.. فأعطاه الموظف المفاتيح ثم أخذ المئة دولار وخرج ليسدد بها دينا للجزار، فأخذ الجزار المئة دولار وتوجه إلى تاجر المواشي وسددها من حساب دين عليه، فتناول تاجر المواشي المئة دولار وذهب إلى تاجر الأعلاف ليسدد ثمن علف اشتراه، فالتقط تاجر العلف المئة دولار وتوجه إلى امرأة “بنت ليل” فدفع لها المبلغ لقاء خدمات سابقة، فتناولت المرأة المئة دولار وسارعت إلى صاحب الفندق لتسديد أجرة غرف استأجرتها لزبائنها في أيام سابقة، ففرح صاحب الفندق بالمئة دولار، وهنا نزل السائح الأمريكي وقال لصاحب الفندق إن غرف الفندق لم تعجبه، واستعاد المئة دولار ومضى….
الدايم الله….