بقلم - أسامة الرنتيسي
لو خرجت الحكومة يوما واعترفت بأنها أخطأت في تقدير موقف ما، وبعد إعادة الدراسة والتقويم أكتشفت أنها تتحمل المسؤولية، لكانت صدور الشعب أوسع، ودرجات احتماله أعلى، ولقدّر للحكومة وخلية الأزمة جهودهما أكثر، وجَلّ من لا يُخطئ.
لو خرج البيان الرسمي الأخير وقال بوضوح، من دون لَبس إن الإجراءات الحكومية هي السبب في خطأ سائق المفرق وخطأ السواقين الذين دخلوا من دون فحص، أفضل بكثير من القول إن مكان الحجر الصحي لم يتم استكمال بنائه، فهذا ما دفع الحكومة للطلب منهم التوقيع على الحجر المنزلي.
ما جرى يدل على ألّا أحد حاسب أحدًا على التراخي مع سائق تريلا إربد قبل أسابيع، ولا أحد تحمل المسؤولية على إدخال سائق من دون حجر صحي.
ويكشف أيضا عن أن الإجراءات الرسمية عاجزة عن فهم أن التوقيع على تعهد الحجر المنزلي ليس ذا قيمة عند الموقعين، ولا أحد يشعر أنه تحت طائلة المسؤولية القانونية إذا خرق هذا التعهد، هذا الأمر يحتاج إلى ثقافة ووعي لكنه أيضا يحتاج إلى صرامة في فهم القانون وخطورة التصرف غير الواعي.
ولو خرجت الحكومة وقالت نحن نتحمل المسوؤلية عن تصرف خمسة طلاب سمّتهم الحكومة كما وسائل التواصل الاجتماعي “الدبّيكة”، وتقول بالفم المليان أننا لم نوضح لهم ماذا يعني الحجر الصحي، وأنه أقرب إلى السجن، وتعترف أكثر أنه لم يتم مراقبتهم جيدا، لكان أفضل بكثير من الذهاب إلى أحكام دولة الفيسبوك، ويخرج علينا وزير الصحة (وهذا بكل الأحوال ليس دوره ولا مطلوب منه) ويقول والدبّيكة حلقنالهم…
لا أحد يريد أن يقلل من الجهد الكبير الذي يبذل من كافة الاطراف الحكومية والأمنية والصحية، لكن بعد كل هذه الجهود، وبعد كل هذا العطاء اللامحدود من الناس، والالتزام الكبير في حملة “خليك_بالبيت” لنحو شهرين، لا يجوز أن تبقى خطوط التواصل الحكومية مع الناس بهذه الطريقة، إيجازات صحافية في الساعة الثامنة قبل رمضان والسادسة في رمضان، وتُتلى علينا أرقام صماء، وقرارات من دون توضيحات، وعلى الجميع السمع والطاعة.
لم نسمع من وزير الصحة الدكتور سعد جابر منذ بداية الأزمة إلا إلى عداد أرقام يصعد ويهبط، وإلى موشّحات من الوعظ والعبارات المؤثرة، ولم نسمع منه إلى خطط إستراتيجية العمل التي تقوم عليها وزارة الصحة والجهات الوبائية ، وما هي الخطط واحد واثنين وثلاث.
وحتى الإيجازات الحكومية الأخرى، لا نسمع إلا قرارات وعلينا التنفيذ، لا ضير في ذلك، لكن إذا تم الشرح والتوضيح للناس فسوف تكون درجات الاستجابة والتعاون أكبر.
فقط نريد أن نفهم، حدث تطور كبير للأزمة في المفرق، تتراجع الحكومة فورا عن تنفيذ قرار كانت قد أعلنت عنه وهو السماح لحركة السيارات الفردي والزوجي في عمان والزرقاء والبلقاء اعتبارا من يوم الأحد، فكيف تمت مراجعة الأمر ودراسته من جديد، وظهر أن هذا القرار كان فيه تسرع فوجبت العودة عنه.
الأخطاء الحكومية في معركة الكورونا كثيرة، ومع هذا درجة التسامح الشعبي كبيرة، لكن على أمل التواضع قليلا والشفافية أكثر، ووقف التهديد نهائيا ، فالناس لم تختنق فقط، بل وصلوا لمرحلة القرف من كل شيء….
الدايم الله….