بقلم -منى بوسمرة
دعم الإمارات للتحالفات والتوجهات العالمية في سبيل إحداث تحول حقيقي ومؤثر على أرض الواقع في أكثر قضايا العالم إلحاحاً، وهي قضية التغير المناخي، أصبح يأخذ حيزاً واسعاً من استراتيجية الدولة ورسالتها الإنسانية، عبر مبادرات لا تقل عن كونها نموذجاً ملهماً يرفع الطموح المناخي إقليمياً وعالمياً، ويحفز الدول كافة على مشاريع أكثر فاعلية في مواجهة هذا التحدي.
ترؤس مكتوم بن محمد، وفد الدولة رفيع المستوى، لقمة «الشرق الأوسط الأخضر» في الرياض، يؤكد مدى الأهمية التي توليها الإمارات لجميع المبادرات النوعية التي تعزز قدرة البشرية في التغلب على التحدي المناخي، فأن يكون أول تمثيل لسموه لدولة الإمارات بعد التشكيل الوزاري الجديد، في هذه القمة، فذلك يجسد بقوة إيمان الدولة العميق بأن هذا الملف يتقدم كل الأولويات العالمية، ويتطلب إدارة مباشرة على أعلى المستويات.
قمة «الشرق الأوسط الأخضر» في السعودية، تأتي في وقتها كمبادرة استثنائية من شأنها أن تصنع فارقاً في المنطقة. فهي تتميز، كما يؤكد مكتوم بن محمد: «بمشاركة دولية واسعة، ومبادرات مناخية ضخمة، وحراك إقليمي بيئي تقوده المملكة الشقيقة ويشرف عليه سمو الأمير محمد بن سلمان لتشكيل تحالف مناخي لحفظ البيئة في المنطقة للأجيال القادمة».
جاءت القمة بعد يومين من إعلان السعودية هدف الحياد الصفري بحلول 2060، لتشكل هذه المبادرات معاً مؤشراً واضحاً على توجهات المملكة في صنع تأثير عالمي ودائم، في مواجهة ظاهرة التغير المناخي وحماية الكوكب وموارده الطبيعية، في مساهمة متقدمة وفاعلة في تحقيق الأهداف العالمية، خصوصاً مع ما تتضمنه هذه المبادرات من مشاريع لخفض الانبعاثات الكربونية وتبني السعودية خططاً لزراعة أكثر من 10 مليارات شجرة داخل المملكة، و40 مليار شجرة في منطقة الشرق الأوسط.
هذه المبادرات السعودية، مع إعلان الإمارات كذلك في بدايات هذا الشهر، هدفها لتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050، كأول دولة إقليمياً تعلن عن ذلك، فإن دول الخليج العربي تحقق سبقاً كبيراً في دفع الجهود الإقليمية والدولية الجادة للتعامل السريع والمدروس تجاه الأزمات المرتبطة بالمناخ، ومن شأن ذلك أن يضع سقفاً جديداً للعمل المشترك عالمياً في سبيل قطع خطوات عملية في هذا الملف، ويرسم منهجاً شاملاً، للاعتماد على التنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر.
تمثل هذه المبادرات نموذجاً ملهماً في التعامل مع قضايا المناخ ، وفكراً مختلفاً في السعي لتحويل تحدياته إلى فرص تضمن للأجيال القادمة مستقبلاً مشرقاً، وهي تقدم رسالة واضحة للعالم بأن كلفة التعامل المبكر مع هذا التحدي أقل بكثير من الكلف الباهظة التي ستنتج عن أي تأخير، بل يمكن عكسها إلى آثار إيجابية يستفيد منها الجميع.