بقلم - منى بوسمرة
تمتاز الروح الإنسانية التي باتت هوية تُعرف بها الإمارات وشعبها، بأنها تستشعر على الدوام الضرورات الأكثر إلحاحاً لكل المحتاجين حول العالم وأولئك الذين يعانون ظروفاً قاسية، وتسارع في حسٍ عالٍ من التضامن ومبادرة سباقة إلى تلبية هذه الاحتياجات بعطاء لا ينقطع، تاركة مثالاً ملهماً لما يجب أن يكون عليه التكاتف الإنساني في الأوقات الصعبة.
تعطي مبادرة «لنجعل شتاءهم أدفأ» نموذجاً لهذه الروح الإنسانية، فحال انطلاق حملة «أجمل شتاء في العالم»، استشعرت الإمارات أن هناك أسراً وأطفالاً في دول أخرى يعيشون جانباً مختلفاً من الشتاء، حيث يغيب عنهم الدفء وسط خيامهم التي أجبروا على العيش فيها بسبب ظروفهم الصعبة، فأبت على نفسها أن تتركهم يصارعون هذه الظروف وحدهم، ومع وصول المبادرة حتى الآن إلى جمع أكثر من 4 ملايين دولار يستفيد منها أكثر من 40 ألف عائلة، يتأكد أنها في طريقها لتحقيق هدفها بجمع 10 ملايين دولار لنشر الدفء بين 100 ألف عائلة، وهي أرقام قادرة على صناعة فارق مهم في حياة اللاجئين.
اللاجئون في كثير من الدول العربية والأفريقية ينتظرهم شتاء قاسٍ، وهناك وفق الإحصاءات أكثر من 3.8 ملايين لاجئ في المنطقة يعانون من البرد والعواصف والأمطار المستمرة، وبعضهم من الثلوج، والمسارعة إلى دعم هذه الحملة هي في الحقيقة دفع في اتجاه الانتصار في معركة الوقت لإنقاذ هؤلاء وتمكينهم في معركتهم مع الأحوال الجوية القاسية، خصوصاً أن الحملة حققت أكثر من 40% من مجموع التبرعات المطلوبة خلال 4 أيام فقط مع تدفقها من أكثر من 85 ألف متبرع من أنحاء العالم كافة، وهو إنجاز مبشر ويقدم القدوة المشجعة للجميع ليكونوا مساهمين في هذا العمل الإنساني الفاعل.
ما تقدمه هذه الحملة لا يقف عند ما سيتم جمعه من تبرعات، فهي تمثل ترسيخاً لمنهج مختلف في العمل الإنساني، ومن خلال الشراكة التي تتعاون فيها مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، و«المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين» و«الشبكة الإقليمية لبنوك الطعام»، فإن هذه الحملة تقدم نموذجاً للتحالف من أجل تعظيم الجهود الإنسانية، كما أنها بتعاونها مع اليوتيوبر «أبوفلة»، تعطي مثالاً حياً للابتكار في العمل الإنساني واستثمار منصات التواصل والمؤثرين الاجتماعيين في سبيل هذه الأهداف النبيلة، إضافة إلى أن الحملة من خلال بثها الحي من وسط دبي، تنشر وعياً كبيراً حول قضية اللاجئين وظروفهم الصعبة واحتياجاتهم الملحة، ما يحفز مزيداً من الانتباه حول العالم لهذه الاحتياجات.
بهذا التدفق من العطاء، وهذا الإبداع في العمل الإنساني، يبث «عيال زايد» رسالة ملهمة للعالم في ترسيخ نهج مؤثر للتضامن والتكاتف في إنقاذ الحياة وإسعاد الإنسان.