بقلم: منى بوسمرة
صوت الإمارات الملهم دولياً يستند إلى ثلاثية مؤثرة، تتمثل في نهجها الإيجابي في علاقاتها المتوازنة، ونموذجها الذي جعل من سياستها الخارجية مثالاً لبناء الشراكات الفاعلة لخير الجميع، وإدراكها السياسي المبكر للمخاطر والتحديات التي يواجهها العالم، ما يعكس محورية دعواتها، في كلمتها أمام الجمعية الأممية، خصوصاً في تشديدها على ضرورة تجاوز حالة الخمول، التي باتت السمة الأبرز للنهج الدولي الراهن في التعامل مع الأزمات، والانتقال نحو إيجاد حلول دائمة وشاملة وعادلة للنزاعات المتصاعدة.
الوعي السياسي الذي تنطلق منه الإمارات في استشرافها للمرحلة الجديدة للنظام الدولي خياراتها فيه واضحة، لأنها مبنية على ثوابت راسخة، فالسلام والتعافي والازدهار والانفتاح على العالم، عبر شبكة متينة من العلاقات لمضاعفة مسارات التعاون في الاقتصاد والتنمية المستدامة والتكنولوجيا المتقدمة والبحث العلمي تشكل أولويات وطنية في صدارة أجندة الدولة الخارجية، وقد كان هذا النهج الإماراتي على الدوام محركاً لتعاون متعدد الأطراف فاعل ومؤثر في الكثير من القضايا الدولية.
هذه الرؤية الإيجابية المتقدمة للدولة، والتي عكستها كلمتها أمام التجمع الأممي الأكبر تقف بقوة أمام حجم التحديات العالمية المتنامية، وأمام ما يشهده العالم من استقطاب وأزمات متزايد، وعلى رأسها النزاعات وأزمات الغذاء والمناخ، لتقدم هذه الرؤية مرجعية ملهمة لما يجب أن يكون عليه النظام الدولي، لتعزيز قدرته في التغلب على التهديدات التي تواجه البشرية.
المسارات التي حددتها كلمة الإمارات أمام العالم للخروج من أزماته تعمل عليها الإمارات بشكل نشط وسباق، من خلال علاقاتها ودورها في المنظومة الدولية، وخصوصاً في فترة ترؤسها مجلس الأمن، ومن خلال التزاماتها المناخية واستثماراتها في الطاقة المتجددة، وما تقدمه من مثال في هذا المجال، وكذلك من خلال مواصلتها مساعدة دول وشعوب العالم على الصعد الإنسانية والدبلوماسية والتنموية، والأهم من ذلك ما تعمل عليه الدولة بإصرار وعزيمة، لتعظيم نموذجها التنموي الداخلي، وتبني اقتصاد المعرفة واستشراف المستقبل، لتؤكد عبر ذلك كله أن ما يجب أن يلتفت إليه العالم هو التنمية والتعاون لتعزيز الازدهار والتقدم الحضاري وتمكين الإنسان، وبناء أسس قوية لترسيخ السلام والاستقرار والأمن إقليمياً ودولياً.
الإمارات أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة لم تقدم مجرد كلمات ودعوات، وإنما أعطت بأفعالها ونموذجها وشراكاتها الدولية مثالاً لما يجب أن تكون عليه التوجهات الاستراتيجية للمنظومة الدولية، وكيفية التعامل مع هذه التوجهات لبلوغ الغايات الإنسانية، وإنقاذ العالم وساكنيه من كل ما يواجههم من مخاطر وتهديدات، وضمان المستقبل الأفضل للأجيال.