بقلم - منى بوسمرة
تبعث قيادة الإمارات، ضمن أولى مبادراتها في الخمسين الجديدة، رسائل قوية حول توجهات الدولة في المرحلة التاريخية المقبلة، وعلى رأس هذه الرسائل العزم، بلا تهاونٍ أو تأخير، على تسريع المشاريع الكبرى التي تترك أثراً مباشراً وضخماً في استمرار زخم التنمية لأجيال قادمة، وتضمن التحول الاستراتيجي في بناء اقتصاد جديد أكثر قوة وتفوقاً، وهي الأولوية الوطنية التي تتصدر أجندة الخمسين المقبلة.
فأنْ تدخل الإمارات الخمسين الجديدة بمشروع بحجم برنامج الإمارات للسكك الحديدية «قطار الاتحاد»، يعني أن الانطلاقة الجديدة تجاوزت مرحلة التخطيط ووضع الاستراتيجيات، إلى التنفيذ الفعلي لمشاريع نوعية ستعزز امتلاكها عوامل قوة وقدرات هائلة في مضاعفة تنميتها واقتصادها، لما يمثله هذا المشروع من رافعة استثنائية على كل المستويات، سواء اللوجستية التي تعتبر عصباً رئيسياً لأي اقتصاد متطور ومتنامٍ، أو بربطه إمارات ومدن الدولة من أقصاها إلى أقصاها، ليفتح أمامها، باعتبارها وجهة اقتصادية واحدة، آفاقاً وفرصاً غير مسبوقة، وأيضاً بما يضيفه من تنافسية وقيمة لبيئة العمل والحياة بالدولة، التي تعتبر الأكثر تطوراً في المنطقة.
برنامج الإمارات للسكك الحديدية، الذي وصفه محمد بن راشد ومحمد بن زايد أثناء حضورهما الإعلان عنه، بأنه مشروع أجيال سيكفل لأبناء الإمارات استمرار الازدهار ببناء الاقتصاد الأفضل والأنشط في العالم، هو مشروع متعدد الأهداف والنتائج، فمن خلال استثماراته التي تبلغ 50 مليار درهم سيخلق عوائد على اقتصادنا الكلي تبلغ 200 مليار درهم، وسيربط قطار الركاب 11 مدينة ومنطقة بسرعة 200 كم في الساعة، لينقل 36.5 مليون راكب سنوياً بحلول العام 2030.
كما يربط قطار البضائع 4 موانئ رئيسية، ويتضمن بناء 7 مراكز لوجستية، وسيبلغ حجم النقل عبره 85 مليون طن في 2040، ليخفض تكاليف النقل إلى 30%، كما سيوفر 8 مليارات درهم من تكلفة صيانة الطرق، ويسهم في تقليل 70-80% من الانبعاثات الكربونية مقارنة بوسائل النقل الأخرى، موفراً 21 مليار درهم، ما يجعله داعماً للأولويات الوطنية في أكثر من ملف.
ومن الآثار المهمة أيضاً للبرنامج أنه سيسهم في تأهيل أجيال جديدة من الكوادر الوطنية القادرة على قيادة قطاع السكك الحديدية، وسيوفر أكثر من 9 آلاف فرصة عمل بحلول العام 2030، وهذا ما نلاحظه في «قطار الاتحاد»، الذي يقطع أشواطاً كبيرة في الإنجاز بإشراف كفاءات وطنية تحمل خبرات استثنائية.
الانطلاقة بهذا البرنامج تعكس ما ستكون عليه حزمة مشاريع الخمسين الاستراتيجية الضخمة التي ستصنع تفوقاً عالمياً جديداً للإمارات ببنيتها التحتية واقتصادها وتنميتها كلها، وطبيعة الحياة فيها، وستنتقل بها إلى مراحل جديدة من الريادة والمكانة المتميزة داخلياً وخارجياً.