بقلم -منى بوسمرة
يتأكد يوماً بعد يوم أن تنافسية دبي النادرة لا تتقنها أي مدينة أخرى، وإلا لما استطاعت أن تتحول لمدينة عالمية في برهة من الزمن، بجاذبية استثمارية لا تقاوم. واللافت أن تلك التنافسية لا تستوردها بل تضع معايير تتفوق على العالمية، وتبقيها في قمة التنافسية التي تتعامل معها باعتبارها آلية التفوق.
القائد محمد بن راشد وضع الرؤية وخارطة الطريق للبقاء في موقعنا في المقدمة، وشباب يتقنون لغة المستقبل ويترجمون تلك الرؤية بحروفها التي كتب بها مكتوم بن محمد معادلة ترسيخ دبي عاصمة للمال والأعمال، بمنظومة مالية بمعايير الشفافية وإنفاذ القانون، لأنه في دبي لا أحد فوق القانون.
التوجيهات التي صدرت قبل يومين من محمد بن راشد، يتم البدء فيها بشكل فوري عبر الاجتماع الأول للجنة تطوير أسواق المال في دبي، لمضاعفة قيمة تلك الأسواق إلى 3 تريليونات درهم، وإذا علمنا أن القيمة السوقية لسوق دبي المالي تصل إلى نحو 400 مليار درهم، فيما يصل متوسط حجم العقود اليومية في بورصة دبي للذهب والسلع إلى 4 مليارات درهم، وسوق سندات ناسداك دبي تزيد على 70 مليار درهم، وهو ثاني أكبر سوق للصكوك الإسلامية، وتجارتها في الألماس الثالثة عالمياً، وبها أكبر مركز لإعادة تصديرالشاي والقهوة وتداولهما، لنعلم أن المهمة ممكنة وليست مستحيلة، خاصة مع الإعلان عن إدراج 10 من الشركات الحكومية وغير الحكومية في سوق دبي المالي، والتوجه لتنظيم الأصول الرقمية التي تحمل آفاقاً واعدة.
صحيح لم يعلن حتى الآن عن تلك الشركات ونسبة الطرح، لكن لكون شركات لديها سجل نجاح محلي وعالمي، فإن ذلك سيضاعف بسهولة قيمة سوق دبي، بشكل غير مسبوق وربما عدة مرات. وعلى سبيل المثال فإن قيمة أصول طيران الإمارات تزيد على 170 مليار درهم، ولو طرح منها 10% للاكتتاب يتعادل 17 مليار درهم، وتم الاكتتاب بدرهم واحد للسهم، وعند الإدراج ارتفع إلى درهمين على الأقل، فنحن نتحدث عن 34 ملياراً، ولو تكررت هذه النسبة على عشر شركات توازي من حيث الأصول والقيمة طيران الإمارات، فالرقم سيصل إلى 340 مليار درهم، أي مضاعفة القيمة لأسهم سوق دبي المالي إلى نحو 800 مليار درهم بافتراض طرح 10% فقط من تلك الشركات.
هذه تقديرات افتراضية بالحد الأدنى، لكنها تؤشر لمدى قيمة الكنوز التي تمثلها شركات دبي، وما ستجلبه هذه الخطوة من استثمارات أجنبية، عند الاعلان رسمياً عن النسب المخصصة للاكتتابات في السوقين المحلي والعالمي.
ليس هذا فقط، بل سيكون إقدام الحكومة على إدراج شركاتها، حافزاً نوعياً للشركات العائلية والخاصة للإدراج، خصوصاً الشركات الناشئة والتكنولوجية التي شهدنا نجاحاً عالمياً للعديد منها انطلاقاً من دبي.
وفي الطريق إلى الهدف اعتمدت اللجنة صندوقاً بقيمة ملياري درهم كصانع للسوق، وصندوقاً آخر بمليار درهم لتشجيع شركات التكنولوجيا على الإدراج، عبر تمكينها من التمويل اللازم للاكتتاب والإدراج، وبالتالي دعم توسعها انطلاقاً من دبي.
هذه هي دبي، برؤيتها المنفتحة والمرنة، التي تنطلق إلى المستقبل مستندة إلى رصيد غني من التجارب الاستثمارية وبيئة الأعمال المثالية، التي جعلتها مقراً لنحو 96% من الشركات والمؤسسات العالمية في المنطقة وفقاً لرصد مجلة فوربس، في تأكيد على توفير ما يفوق حاجات تلك الشركات، ولعل منها أن لا تأجيل ولا تسويف في دبي، بل حركة ودوان سريعان، وهو ما عبر عنه مكتوم بن محمد أمس بقوله «نريد التحرك بسرعة كبيرة». نعم هذه دبي، السباق معها صعب، فلا وقت للراحة فيها ومعها، كما قال يوماً محمد بن راشد.