بقلم - منى بوسمرة
لا يكاد يمر يوم من دون إعلان تبرع أو مبادرة خير في الإمارات، تستهدف المعوزين والمحتاجين، وأغلبهم خارج الدولة، حتى صار الخير والعطاء سلوكاً ومؤسسة ونهجاً دائماً، وليس مبالغة إذا قلنا إنه ربما لا يوجد بلد في العالم فيه كل تلك المؤسسات والجمعيات، التي تعمل في هذا المجال باندفاع ورغبة لا يجاريها شيء.
والملفت أن حب الخير والعطاء في الإمارات، يتسابق إليه الأفراد والمؤسسات مع الجهات الرسمية، في حالة فريدة أنتجت كل هذا العطاء، الذي يناهز 20 مليار درهم سنوياً من المساعدات الخيرية والتنموية، وبما يزيد على 1.1 % من الدخل القومي الإجمالي، لتكون الأولى في العالم، وهذا يعني أنه رسالة إنسانية غير مشروطة هدفها استقرار الشعوب.
في أحدث صور هذا العطاء أكد محمد بن راشد أن مسيرة الخير باقية في الإمارات، معلناً أن المبادرات العالمية التي تحمل اسمه وصلت إلى 200 مشروع إغاثي ومعرفي وصحي استفاد منها 70 مليون شخص في 108 دول وعمل على تنفيذها جيش من المتطوعين وصل تعداده إلى 124 ألف متطوع، وهي أرقام ترسم مشهداً جديداً لمعاني الإنسانية تجلى بوضوح تام في جائحة «كورونا»، حيث استنفرت الإمارات كل مصادر الخير فيها لمساعدة العالم في مواجهة وباء يهدد البشرية، لا لشيء إلا لأنها ورثت حب الخير من زايد الخير، وتأسست عليه فخصصت مساعدات تنموية رسمية، وأنشأت مؤسسات إنسانية خيرية أهلية ورسمية ومدينة إغاثية عالمية، يقودها رجال يحبون الخير، لذلك سيبقى فيها الخير، ما دام هناك محتاج حول العالم.
من هم أهل الإمارات؟ سؤال يتردد في أكثر من نصف دول العالم التي وصلتها مساعدات الإمارات، والجواب لمن لا يعرفه: هم شعب يتقن التحدث والفعل بلغة الإنسانية، ويستطيع أن يصل إلى أبعد نقطة في العالم، لإيصال المساعدات، لأنه يؤمن أن تلك اللغة هي لغة عالمية مشتركة للتراحم لا تعرف عرقاً أو ديناً أو هوية، وهي ثقافة مجتمعية قائمة على السعادة وحب العطاء، فهي قيم متأصلة في مجتمع الإمارات الذي يعتبر العمل الخيري والإنساني أبرز سماته.
مساعدة الشعوب أصبحت أولوية في سياسة الإمارات وهي التزام ثابت لا يتأثر بأي معايير، وهي قلب العالم في إطلاق المبادرات في المجال الإغاثي والتنموي، بما يصون الكرامة الإنسانية وتحسين حياة البشر أينما كانوا ومن كانوا. الجائحة الحالية أثبتت صحة نهج الإمارات، والحاجة العالمية لتعميمه والتضامن من أجل فعل الخير والعطاء والتنمية لما فيه صالح البشرية، وإعلاء القيم الإنسانية.
ليس المهم توفّر المال، وإن كان عاملاً مهماً، لكم الأهم الإرادة وحب العطاء الإنساني، وهو فعل يحتاج إلى فرسان، وما أكثرهم في الإمارات.