بقلم -منى بوسمرة
في اليوم الثالث لإكسبو دبي، بدا واضحاً كم هو حجم الانسجام بين الإمارات وهذا الحدث الدولي، وكم هو لائق هذا التناغم بين طموحات البشرية وأهدافها، وإلى أي درجة تلتقي مع قيم الإمارات ونهجها.
في بعض جوانبه، فإن الحدث فرصة للأعمال لكل الدول المشاركة وللدولة المضيفة، وهذا صحيح تماماً وأمر طبيعي، لكن الجوهر في لقاء العقول في أكبر تجمع دولي من نوعه هو صياغة المستقبل ووضع الحلول للتحديات.
صحيح أن إكسبو سيعزز صورة الإمارات كمركز مالي وتقني ومركز للأعمال والسياحة ووجهة للعيش، ويرفع مكانتها الدولية، لكن قائمة المشاركين وأجندة العمل الدولية والضيوف العالميين المنتظر أن يحضروا الحدث ستتيح أيضاً للإمارات الفرصة للدفع باتجاه توحيد التعاون الدولي وتعزيز التضامن في مواجهة أزمات تستفحل وتؤثر سلباً في حياة الشعوب، خصوصاً في قضايا مثل البيئة التي بدأت تهدد الوجود البشري على هذا الكوكب.
اليوم تتيح الإمارات للعالم الدخول في مسار التحولات الإيجابية نحو الحلول، بل واستباق الأزمات أو الاستعداد لها، لكن الحلول الجماعية لن تكون ممكنة من غير تبني قيم إنسانية تكون الرافعة والآلية اللازمة للنجاح، مثل قيمة التسامح، وضرورة اعتبارها آلية دبلوماسية جماعية، فهي المفتاح الكبير للوصل إلى الحلول، ومن غيرها لن يتمكن العالم من مواجهة قضاياه المصيرية.
في إكسبو دبي، تبدو الفرصة واسعة، والمنصة تتسع للجميع، لبناء تحالف عالمي جوهره التسامح والتضامن والعمل يداً بيد، يعم خيره الجميع بعدالة وإنصاف، كما قال محمد بن راشد، في رسالة لكل المشاركين دعاهم فيها لاغتنام فرصة تأتي في اللحظة المناسبة، وقد لا تتكرر إلا بعد فوات الأوان.
اعتباراً من اليوم، تبدأ أسابيع إكسبو لتسلط الضوء على قضايا مثل المناخ والتنمية والشمول والعلوم والسفر والاتصال والصحة والغذاء والزراعة والمياه، وهي قضايا ترتبط بكل شعوب الأرض بلا استثناء، وهي أجندة عمل توجه نداءً لتحقيق الأهداف العالمية لإعطاء التعاون الدولي أولوية استثنائية، لأن مثل تلك القضايا وصلت إلى مراحل حرجة بدأت ملامح تأثيراتها السلبية تضرب هنا وهناك، وهي تأثيرات من صنع البشر بدوافع الجشع والسيطرة على الغير، ما يستدعي بناء سياسات جماعية ومغايرة، يمثل إكسبو الفرصة لبنائها.
الآمال كبيرة، والتحديات أيضاً كبيرة، لكن النجاح بأيدينا، بشرط التسامح، والإيمان بالعمل الجماعي الذي يصنع المعجزات، ولنا في تجربة الإمارات الوحدوية أسطع برهان عالمي، على قوة الروح الجماعية في صناعة المعجزات وقهر التحديات، بل تطويعها وتسخيرها لخدمة أهداف التنمية ورغد العيش للجميع.
الإمارات، إكسبو كبير، وهي اليوم جسر للصداقة والتعاون والتسامح، من أجل صياغة غدٍ تشرق شمسه الدافئة على الجميع بلا استثناء، وما شعار إكسبو «تواصل العقول، وصنع المستقبل» إلا نداء إماراتي للعمل الدولي بروح الفريق بجوهره المتسامح.