بقلم -منى بوسمرة
يوم تاريخي، بانطلاق «عام الخمسين» رسمياً، والذي تنتقل فيه الإمارات بإنجاز تاريخي، نحو رحلتها الجديدة من القفزات النهضوية، فمع دخول أول ميجاوات من أول محطة نووية عربية إلى الشبكة الكهربائية في الدولة، تسجل الإمارات في هذا اليوم هوية واضحة للمرحلة التاريخية المقبلة، عنوانها العزيمة والإصرار في مضاعفة وتسريع الجهود، لتحقيق الأولويات الوطنية، التي تكفل قوة واستدامة التنمية الشاملة.
هذا الإنجاز العربي التاريخي، الذي يباركه محمد بن راشد، ومحمد بن زايد لشعب الإمارات، يضع الدولة على مسار حقبة جديدة كلياً، فهو، كما يؤكد سموهما، نتاج رؤية أدخلت الإمارات مرحلة تنموية غير مسبوقة، ويأتي ضمن خريطة طريق بعيدة المدى، تُعدّ طموحاتها العالية لإنجازات أعظم في المجالات الحيوية كافة.
بدء التشغيل التجاري لأولى محطات «براكة» سوف يوفر 1400 ميغاوات من الإمدادات الثابتة والدائمة من الكهرباء، ومع اكتمال المشروع، الذي يعتبر من أكبر مشاريع الطاقة النووية الجديدة على مستوى العالم، سيوفر ما يصل إلى ربع احتياجات الدولة من الطاقة الكهربائية الصديقة للبيئة، وهو أمر لم يعد بعيداً، حيث وصلت نسبة الإنجاز في المشروع ككل إلى 95 %.
إنتاج الكهرباء من الطاقة النووية في الدولة، ليس إنجازاً اعتيادياً، فهو، بثماره الاستثنائية، سيخلق الكثير من العوائد الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، وإن كان في المقام الأول سيحقق حصناً قوياً لأمن الطاقة والقدرة الفائقة على تلبية الطلب المتنامي من الكهرباء، مع التوسع في مسارات التنمية، فإن ما سيثمره على مستوى توجهات الدولة، للتحول إلى مصادر الطاقة النظيفة لا يقل أهمية عن ذلك، إذ تعد محطات براكة أكبر مساهم في خفض البصمة الكربونية بين كل القطاعات في الدولة، ما يسهم في تعزيز الدور الريادي العالمي للإمارات في هذا المجال.
تترك هذه العوائد انعكاساتها الإيجابية الكبيرة على كل القطاعات الأخرى، في تحفيز للمنظور الشامل لاستدامة التنمية في جميع أبعادها، وأكثر من ذلك، فإن الاستثمار في مثل هذه التقنيات الريادية، الذي يمكن قراءته كونه توجهاً استراتيجياً، تعطيه القيادة أولوية قصوى في هذه المرحلة، يخلق جيلاً ذا تأهيل متفوق من أبناء وبنات الوطن في التخصصات المتقدمة، وهذا ما رأيناه في مشروع براكة، وغيره من المشاريع الكبرى، التي تنفذها وتديرها الكفاءات الوطنية المتميزة، ونقطة القوة هذه هي التي تعبر بها القيادة الاستثمار الأساس للمرحلة التاريخية والنهضوية الجديدة.
الرسالة التي تبعث بها الإمارات، في هذا اليوم، الذي تبدأ فيه «عام الخمسين»، أنها قادرة على الانطلاق بكل تفوق، لتأسيس دعائم جديدة أقوى في كل جوانب نهضتها، وترسيخ نموذج متفرد في الطموح والعمل الجاد، يلهم المنطقة والعالم أهمية الالتفات إلى الاستقرار والتنمية، والانشغال بالإنجاز.