بقلم - منى بوسمرة
يدرك من يتابع طبيعة التطوير في دبي أنها الأسرع في الاستجابة لمتطلبات اقتصاد المستقبل بجميع أركانه، وبصورة أعمق فإن من يتفحص نوعية وتفاصيل التحديثات والتحسينات التي تتعزز باستمرار، يلحظ بدقة أن دبي تعمل وفق نهج مغاير ومفاهيم جديدة لتحفيز قطاعات اقتصادية مهمة واستحداث أخرى، وابتكار تسهيلات وحلول متفردة لأصحاب الأعمال والمستثمرين والمواهب، ما يرسخ مكانتها الريادية عاصمة عالمية للفرص في كل القطاعات.
ما شهدته دبي أمس من قرارات يلفت إلى أنها تعمل بمثابرة على جميع المسارات ضمن منظومة شاملة لتحقيق هذا التطوير المنشود، وفي المقام الأول فقد اعتمد محمد بن راشد 6 تشريعات لتنظيم عمل غرف دبي وتشكيل مجالس إداراتها، وتم بهذه التشريعات استحداث 3 غرف متخصصة لقطاعات التجارة والاقتصاد الرقمي والتجارة العالمية، وهو مؤشر واضح على تحول دبي نحو تغيير جوهري في آلية عمل غرف التجارة بمفهومها التقليدي، لتواكب بذلك ظهور قطاعات اقتصادية جديدة، والحفاظ على جاذبيتها العالمية للاستثمار، وعلى الأرضية الصلبة التي تمتلكها لنمو الأعمال وانطلاقها نحو العالمية.
وفي حزمة القرارات الثانية، جاء اعتماد حمدان بن محمد لاستراتيجيتي إعادة تأهيل وتفعيل حي الفهيدي التاريخي والفن في الأماكن العامة، محفزاً لقطاع مهم تضاعف دبي جهودها لريادته، وهو الاقتصاد الإبداعي، ومن شأن هاتين الاستراتيجيتين أن تسهما في رفد حركة الإبداع بالإمارة، وأن تعززا منها وجهة مستقبلية وحاضنة للمواهب وعشاق الفنون والثقافة والمبدعين في كل المجالات، الأمر الذي يدعمه أيضاً، إطلاق المنطقة الحرة بمطار دبي، «دافز»، وبتوجيهات سموه، لرخصة «تالنت باس» لمزاولة الأعمال الحرة، والتي تستهدف المتخصصين في قطاعات الإعلام والتعليم والتكنولوجيا والفن والتسويق والاستشارات.
تحمل رخصة «تالنت باس» في مضامينها أهمية كبيرة، فهي مؤشر على الجدية الكبيرة التي تسعى من خلالها دبي لاستحداث نهضة إبداعية غير مسبوقة تضعها في قلب العالم واقتصاده الإبداعي، كما أنها تعطي مثالاً على حجم التسهيلات الاستثنائية التي تقدمها دبي، سواء للمستثمرين أو الشركات أو لأصحاب المواهب والمبدعين في تخصصات المستقبل، وفي مؤشر مهم أيضاً، فإن هذه المبادرة، التي جاءت ثمرة تعاون بين 3 جهات هي «دافز» و«دبي للثقافة» و«إقامة دبي»، تؤكد أن دبي تعمل بروح واحدة وبكل مؤسساتها وفرقها، لإحداث تغيير شامل وفارق يسرع ويضاعف حجم اقتصادها، وبما يخدم هذه الأولوية القصوى التي تضعها الإمارة على رأس أجندتها.
تخلق دبي من خلال هذه الحزم المتواصلة من التطويرات، سواء على مستوى التشريعات أو التسهيلات أو البنية التحتية الداعمة، حاضنة كبرى تجذب المزيد من الاستثمارات والشركات والمواهب، ما يوسع قاعدة الأعمال وشبكات التواصل بين أقطاب مختلف القطاعات، ما يشكل بالتالي عامل جذب جديداً في توليد لا يتوقف للفرص التي تعزز النمو للجميع.