بقلم : د. نجاة السعيد
صادفت مناسبة يوم المرأة الإماراتية- وهو اليوم الذي تحتفل به الإمارات في 28 أغسطس من كل عام- صدور كتاب لسعادة الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي، مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، يحمل عنوان «المرأة والتنمية». يتضمن الكتاب أربعة فصول: حيث تناول الفصل الأول: محددات دور وتأثير المرأة في التنمية، الفصل الثاني: المرأة والدين، الفصل الثالث: المرأة في دول الخليج العربي، الفصل الرابع: الشيخ زايد والمرأة.. الرؤية والإنجاز. لكن سيتم تسليط الضوء هنا على الفصل الثالث وتحديداً على مساهمة المرأة الخليجية في سوق العمل والمعوقات التي تواجهها.
لقد وضّح هذا الفصل في الكتاب أن النهج التنموي الذي انتهجته دول الخليج آتى ثماره بالنسبة لزيادة معدل مشاركة المرأة في سوق العمل والذي وصل إلى 40.5% لعام 2017، وهو بذلك يتفوق بشكل كبير على المعدل العربي 18.9% ويقترب من المعدل العالمي لعام 2017 وهو 48.7%.
وبالرغم من زيادة مشاركة المرأة الخليجية في سوق العمل، فإن الكتاب أشار إلى نقطة مهمة هي الفجوة الواضحة بين معدلات تعليم المرأة ونسبة مشاركتها في القوى العاملة. فالمؤشرات تقول إن نسبة معدلات التحاق الإناث بمراحل التعليم المختلفة أعلى من الذكور، ونسبة الطالبات إلى إجمالي عدد الطلاب بلغ نحو 49% في الفترة من عام 2011 إلى عام 2016. لكن مع هذا التفوق للإناث في مجال التعليم إلا أن نسبة مشاركة المرأة في قوى العمل أقل من الذكور بكثير. وتعود هذه الفجوة إلى مجموعة من التحديات التي تعوق المرأة في سوق العمل وأبرزها:
أولاً-التحديات المرتبطة بالعادات الاجتماعية: مع أن النخب والقيادات السياسية الخليجية أسهمت بشكل كبير في تمكين المرأة تعليمياً وعملياً إلا أن عادات المجتمع وفهم البعض الخاطئ للدين وخاصة الآيات القرآنية المتعلقة بالمرأة بالإضافة إلى نظرة الرجل الخليجي التقليدية للمرأة العاملة، شكلت عوامل معوقة لعملها. فهناك بعض العوائل الخليجية ترى أن عمل المرأة يقتصر في القطاعات غير المختلطة، وهناك من يحظر على المرأة تولي مناصب قيادية أو حتى الخروج من المنزل للعمل. وثانياً-التحديات المتعلقة بالقدرة على المواءمة بين المسؤوليات الأسرية واحتياجات سوق العمل: من التحديات الاجتماعية المهمة التوفيق بين مسؤوليات العمل والأسرة.
فغالباً ما تنظر المجتمعات التقليدية أن العمل المنزلي، غير المدفوع أجره مثل رعاية الأطفال والذي يستهلك كثيراً من الوقت، أنه عمل واجب على المرأة لوحدها على حساب مشاركتها في سوق العمل، حيث إن الرجل هو الذي ينبغي أن يعمل لدعم الأسرة. وأيضاً هناك ضغط اجتماعي على المرأة في الدول الخليجية ذات العدد السكاني القليل الذي يتطلب منها زيادة معدلات الإنجاب من ناحية وزيادة نسبة مشاركتها في سوق العمل من ناحية أخرى لسد الفجوة السكانية.
ثالثاً-التحديات المرتبطة بسوق العمل: أهمها المنافسة مع المرأة الأجنبية والتي تقبل العمل في ظروف قد لا تستطيع المرأة الخليجية تقبلها مثل عدد ساعات العمل الطويلة، العمل ليلًا، ومرتبات ضعيفة قد لا تقبلها المرأة الخليجية، ولهذه الأسباب تُفضل المرأة الأجنبية على الخليجية خاصة في القطاع الخاص.
ورابعاً- التحديات المؤسسية: وهي متمثلة بتحديات مثل عدم مراعاة بعض مؤسسات العمل للمتطلبات الأسرية كتوفير دور حضانة، مواعيد عمل مرنة، غياب فرص العمل في الأماكن القريبة من مقر الإقامة وغير ذلك.
ومن هنا نستخلص أنه حتى تتم المشاركة الفاعلة للمرأة الخليجية في التنمية الاقتصادية، لابد من إزالة المعوقات الاجتماعية والثقافية المستقاة أحياناً من تفسيرات خاطئة ومتشددة منسوبة إلى الدين.
*باحثة سعودية في الإعلام السياسي