بقلم : عبد المنعم سعيد
الخيال الإنسانى خصب، والألوان كانت جزءا مهما من هذا الخيال فجرى إطلاقها على الثورات وفى أوكرانيا، وليس الزمان ببعيد، أطلق على واحدة من ثوراتها تعبير الثورة البرتقالية. الآن أصبحت أنواع الاقتصاد يطلق عليها أسماء كافة ألوان الطيف، وبعد أن كنا نطلق على النفط أنه الذهب الأسود، والقطن الذهب الأبيض، فقد كانت القيمة فى الذهب وليس فى اللون الذى عندما يصير أخضر فإنه يعبر عن الاقتصاد الذى يهتم بالبيئة، وعندما يصير أزرق فإن فيه كل ما يتعلق بالبحار والمحيطات من معادن وغاز ونفط وسبل انتقال ونقل بحرية. الآن أصبح ذائعا الحديث عن الاقتصاد البرتقالى الذى لا يرتبط بإنتاج سلعة أو استخراج معدن؛ وإنما كله له علاقة بالفكر والخيال والإبداع. هو مجموع الأنشطة الاقتصادية التى تهتم بتحويل الأفكار إلى سلع وخدمات ثقافية. كل ما يتصل من أصول فكرية لمحتوى يجلب المنفعة اقتصاد فى حد ذاته فهو برتقالي. فى عام 2023 بلغ حجم الاقتصاد الإبداعى 985 مليار دولار، أو حوالى 10% من الناتج المحلى العالمى ومن المقدر له أن يصل فى العام 2030 إلى 40%.
العائد السنوى للاقتصاد البرتقالى فى العالم هو 2 تريليون دولار. اللون كما هو شائع مأخوذ عن قدماء المصريين الذين ربطوا بينه وبين الموسيقى والفنون. وفى أحوال أخرى فإنه مرتبط بالقوة الناعمة.
مصر لديها الكثير الذى تقدمه للاقتصاد البرتقالى من مخزون فكرى وأدبى وفني، وتراث طويل وقديم لآلاف السنين. ومنذ بدايات مصر الحديثة كانت مصر رائدة لمنطقتها فى مجالات المسرح والإذاعة والسينما، فضلا عن الشعر والغناء، وحديثا فى البرامج الإلكترونية. لكن مصر عند هذه المحطة نجدها فى مراتب لا تليق بها نظرا لغياب ما يغيب عن السلع الاقتصادية الأخرى لديها وهى ضعف التسويق والاحتكار الحكومي، والإهمال أيضا فيما لدينا من تراث. وخلال عقد الثمانينيات تعرض المحتوى المصرى للسرقة المباشرة والإهمال وضعف عمليات التصنيف والإتاحة للجمهور فى مصر وخارجها.