مجدل شمس

مجدل شمس!

مجدل شمس!

 العرب اليوم -

مجدل شمس

بقلم: عبد المنعم سعيد

بينما كان الظن هو الكتابة هذا الأسبوع عن الانتخابات الأمريكية التى تزداد إثارة مع مبايعة أكثر من ٢٠٠٠ مندوب لمؤتمر الحزب الديمقراطى «كامالا هاريس» كمرشحة للديمقراطيين فى الانتخابات الرئاسية المقبلة؛ وحصولها على ٢٠٠ مليون دولار تضاف إلى ٩٦ مليونًا جرى جمعها عندما كان الرئيس بايدن على رأس المرشحين. ضاقت الفجوة تدريجيًا بين المرشحة المبتسمة دائمًا والمرشح الجمهورى ترامب الذى ازداد همّه خلال الفترة القصيرة الماضية بعد محاولة الاغتيال التى ظنها أنهت السباق الانتخابى لصالحه، ولكن ما حدث هو أن طريق النهاية لا يزال طويلًا قبل أن تحسم الأمور فى الخامس من نوفمبر القادم. كان هناك إصرار من أزمة غزة على استعادة الزخم مرة أخرى وخطف الأنظار التى جعلت القوى الدولية الكبرى والإقليمية المهتمة تطلب من إسرائيل وحزب الله وأحيانًا الحكومة اللبنانية العمل بأقصى ما تستطيع على منع نشوب حرب شاملة لإقليم الشرق الأوسط. سبب هذه النقلة فى الاهتمام الدولى والإعلامى فى ٢٧ يوليو المنصرم أن صاروخًا انفجر فى ملعب لكرة القدم فى قرية مجدل شمس وقع فى أعقابه ١٢ طفلًا تقع أعمارهم ما بين ١٠ سنوات و١٦ سنة ضحايا لم تستكمل لا أهداف المباراة ولا الغرض من الحياة وتركت وراءها عيونًا دامعة وقلوبًا مجروحه. المشهد كان تراجيديًا بامتياز من الناحية الإنسانية البحتة، فقد كانت الأجساد الغضة مبعثرة الأجزاء فى داخل ملعب توجد فى مخارجه عجلات تنتظر عودة أطفالها الذين لن يأتوا أبدًا.

مثل هذا العدد من الضحايا يكون موجعًا بشدة عندما يجرى فى قرية صغيرة عدد سكانها ١١.١٨٠ نسمة توجد فى مرتفعات الجولان المحتلة منذ عام ١٩٦٧؛ وجل سكانها من «الدروز» الذين يمكن للمصريين التعرف عليهم من تذكر «فريد الأطرش» و«أسمهان»، وأن جذور الجماعة الدينية المعروفة بالموحدين تعود إلى الطائفة الإسماعيلية الشيعية؛ وفترة الخلافة الفاطمية فى مصر خاصة فى زمن «الحاكم بأمر الله».

ما جعل الحادثة حرجة بقوة هو أن الصاروخ بالغ الدقة والإحكام صُنع فى إيران باسم «خلق ١»؛ وأنكر حزب الله القريب فى الجانب الغربى من الجولان أنه أطلقه، وواكب ذلك إعلانات إيرانية حماسية أنها لن تسمح لإسرائيل بالاعتداء على الحزب اللبنانى. الجبهة اللبنانية الإسرائيلية كانت خلال الأسابيع الأخيرة ساخنة، وتجاوزت حالة «الانضباط» فى القصف والمواجهة الذى كان جاريًا لفترة غير قصيرة إلى تصعيد منذر يزداد اندفاعًا مع حرج الأوضاع داخل قطاع غزة الفلسطينى ما بين استمرار العمليات القتالية وما يصاحبها من مجازر يومية تقوم بها إسرائيل ضد المدنيين والأطفال فى مدرسة خديجة، وبين المحاولات المستمرة لوقف إطلاق النار وإقامة هدنة التى تأتى من وسطاء المنطقة مصر وقطر، ومعهما الولايات المتحدة الأمريكية. ما جعل الحالة مستمرة فى سخونتها أن إسرائيل ظلت مصممة على أنها لن تسمح بالاعتداء على مواطنيها من الدروز من قبل حزب الله وهم الذين باتوا مواطنين منذ أعلنت إسرائيل ضم المرتفعات السورية (الجولان) إلى إسرائيل عام ١٩٨١؛ وهو الضم الذى لم يعترف به أحد فى العالم إلا الولايات المتحدة فى زمن ترامب. هذا الإعلان يتناقض مع الإعلان المتكرر من سكان مجدل شمس بأنهم متمسكون بالجنسية السورية حتى ولو كانت الغالبية من الدروز داخل إسرائيل (١٤٣ ألفًا) قد قبلوا الجنسية الإسرائيلية ودخلوا الجيش وبات لهم «كتيبة عربية».

الوضع هكذا بات ملتبسًا فيما يتعلق بالصاروخ المصنوع فى إيران وعما إذا كان حزب الله التبس عليه الأمر ما بين قرية عربية سورية وطائفة منتشرة فى سوريا ولبنان والأردن والعراق وجدت نفسها أقلية فى كل الأحوال حتى ولو كانت كثرة منها ذات اتجاهات قومية عربية لها أشخاصها المقدرة مثل كمال جنبلاط وغيره من القيادات القومية الدرزية. العجيب أنه فى الوقت الذى تحتدم فيه الأوضاع على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية بسبب انفجار مجدل شمس، فإن ذكريات ما فعله صدام حسين مع الأكراد واستخدامه الأسلحة الكيماوية فى «حلبجة»؛ وما تلاه من الفظائع التى ارتكبتها «دولة الخلافة الإسلامية» الداعشية مع الأقليات من الإيزيديين والكلدانيين والشركس والأرمن، بدت كما لو كانت نوعًا من «الفتنة» الجديدة حسب تعبير وليد جنبلاط التى يخشى أنها على وشك ابتلاع لبنان وربما غيره أيضًا. رياح الحرب هكذا لم تعد تقتصر فقط على الجبهة الفلسطينية الإسرائيلية فى غزة، ولا حتى مع انتشارها الجغرافى إلى سوريا ولبنان واليمن والبحر الأحمر مع احتمالات تورط إيران وبعدها الولايات المتحدة، فإنها فى العمق تتوغل فى جسد المشرق العربى تنزف دماء كثيرة.

arabstoday

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 03:56 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 03:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 03:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 03:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 03:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 03:37 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين وإسرائيل في وستمنستر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مجدل شمس مجدل شمس



GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 20:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
 العرب اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس

GMT 07:06 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 6 في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة

GMT 17:33 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

حرب غزة ومواجهة ايران محطات حاسمة في مستقبل نتنياهو

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab