الزيارة السورية

الزيارة السورية!

الزيارة السورية!

 العرب اليوم -

الزيارة السورية

بقلم : عبد المنعم سعيد

عندما تتوالى الأحداث المثيرة والدامية المرتبطة ببلد عربى تتوالى الذكريات المباشرة المرتبطة بهذا البلد؛ فكيف يكون الحال إذا ما كانت الدولة هى سوريا والبلد هو دمشق، وكلاهما كان على موعد مع جيلنا الذى شهد قيام «الجمهورية العربية المتحدة» التى من أجلها ذهب اسم «مصر» بعيدًا وصار اسمها «الإقليم الجنوبى»!. وقتها، لم يكن هناك أى مضض من هذا الترتيب، كانت أفكار «العروبة» و«الأمة العربية» و«الوطن العربى» و«الوحدة العربية» تعبيرات عن حلم كبير ممتد من المحيط الأطلنطى إلى الخليج «الفارسى». ارتبط المشروع بكثير من الأغنيات، وبدا دائمًا أنه من طبيعة الأشياء التى تغيرت بفعل الاستعمار والإمبريالية والصهيونية واتفاق «سايكس بيكو» و«وعد بلفور». على أى الأحوال كان لجيلنا أن ينضج بعد سلسلة من الأحداث الصعبة بدأت بالانفصال السورى عن الجمهورية المتحدة التى لم يتبقَّ منها سوى مصر، ومع ذلك فإن اسمها لم يعد إلا بعد عقد من الزمان فى عهد رئيس آخر؛ وبعد هزيمة ساحقة فى يونيو 1967؛ وأعقبها حرب استنزاف ثم اشتراك مصر وسوريا فى حرب ناجحة فى أكتوبر 1973. مرت الثمانينيات بعدها وجاءت التسعينيات من القرن الماضى عندما زرت سوريا للمرة الأولى فى ظروف غريبة خلال الأسبوع الأخير من شهر أكتوبر 1991.

وقتها، كنت مستشارًا سياسيًّا فى الديوان الأميرى بدولة قطر وفى إجازة من مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية. كانت حرب الخليج لتحرير الكويت قد نشبت فى مطلع العام، وتغيرت الطبيعة الجيوسياسية فى الشرق الأوسط حينما هُزم العراق، وصعدت إيران، واستفادت إسرائيل، بينما سعت الولايات المتحدة لعقد مؤتمر مدريد للسلام فى الشرق الأوسط. وكما هى العادة فى هذه الأحوال، فإن الأكاديميين والدارسين يحضرون ندوات وورش عمل للتفكير فيما يجب أن تسير عليه الأمور؛ وفعلًا انعقدت واحدة منها فى موسكو، فى الوقت الذى كان فيه الاتحاد السوفيتى آخذًا فى الانهيار. تفاصيل الأمر سوف تُقَصّ فى وقت آخر، ولكن معضلة السفر من موسكو إلى القاهرة، ومنها إلى الدوحة، باتت مستحيلة، وانتهى الأمر إلى أخذ طائرة إلى دمشق لألحق بـ«المصرية» إلى القاهرة لتصحيح المسار. وللحق فى ذلك الوقت، إننى تنفست الصعداء داخل «الطيران السورية»، حيث عشت فى حالة من الارتقاء الحضارى بعد السفر السابق فى «إيرفلوت» الروسية. وصلت إلى مطار دمشق بعد منتصف الليل، فإذا بـ«المصرية» قد غادرت، وأن علىَّ أن أنتظر إلى اليوم التالى.

لم يكن هناك أحد يمكن الحديث معه فى مطار دمشق «الدولى»، ولا توجد إشارة إلى أن هناك طائرات أخرى تأتى، كان ممكنًا أن أتجول فى المطار حتى وجدت شخصًا ودودًا، خاصة بعدما عرف بمصريتى، حيث صحح المسار إلى الدوحة مباشرة، وقادنى إلى الحصول على حقيبتى ومنها للخروج إلى فندق صغير لقيت فيه كرمًا مماثلًا؛ ولكن الكرم انتهى فى اليوم التالى. بدا الأمر للسلطات السورية عجيبًا لمصرى يحمل جواز سفر لصحفى يعمل مستشارًا سياسيًّا لدولة قطر، بينما المهنة المسجلة فى الجواز هى لصحفى. لم يكن الأمر يحتاج تحقيقًا سياسيًّا، وإنما الذهاب إلى «الشام» للحصول على تصريح من وزارة الإعلام لدخول سوريا وآخر للخروج منها. حتى ذلك الوقت كنت مازلت أعتقد أن «الشام» يعنى منطقة جغرافية واسعة فى الشمال الشرقى لمصر؛ وبعد إدراك الجهل من جانبى أن الشام يعنى دمشق التى تقع فيها وزارة الإعلام، والتى بالمناسبة لا تفتح أبوابها يوم الجمعة، وهو اليوم الذى لسوء الحظ الروسى وصلت فيه إلى دمشق. كان وقت طائرة «طيران الخليج» إلى الدوحة يمر بسرعة، ولم أكن أتخيل ما سوف يحدث فى سوريا بشار الأسد لو بقيت؛ ولكن مع بعض الغضب من ناحيتى، وربما كانت العلاقات المصرية السورية قد تحسنت ساعتها فجأة، فإن ضابطًا برتبة عميد جاء ليفك العقدة ويضعنى فى طابور الدخول إلى الطائرة. بات أمامى أربعة مسافرين فقط لكى أترك «الشام»، وإذا بضابط آخر يسألنى: هل معك عملات أجنبية؟. فى ذلك الوقت كان طبيعيًّا أن تكون معى ريالات قطرية وجنيهات مصرية وروبيلات روسية وأيضًا ليرات سورية، وبالطبع دولارات لأنها عملة التحويل فى كل العالم. ولكن معرفتى بالعلوم السياسية والعالم تجعل مثل هذه الحزمة من العملات تحتاج عامًا من الشك لفك عقدها وفهم مصادرها للضابط، الذى بدأ يأخذنى خارج الطابور لولا أن جاءنى مندوب من طيران الخليج، والذى أخذه جانبًا؛ وبعد حديث بدا ودودًا من موقعى؛ تنفست الصعداء بعدها عندما كنت فى الطائرة، وقد خرجت من الأجواء الإقليمية لسوريا!.

arabstoday

GMT 02:53 2024 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

هل دمشق الجديدة ضد محور إيران؟

GMT 02:52 2024 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

البعثار

GMT 02:50 2024 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

صدمة المالكي... والمسرحية والبيع

GMT 02:48 2024 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

ماذا نفعل بهذه الجيوش «القويّة»؟

GMT 02:46 2024 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

بيان العقَبة... فكّ رقبة

GMT 02:44 2024 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والثنائيات الحرجة

GMT 02:42 2024 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل سوريا تقرّره القراءة الصحيحة للأحداث

GMT 02:40 2024 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

تراجع الاقتصاد البريطاني

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الزيارة السورية الزيارة السورية



إطلالات حمراء جريئة للنجمات على سجادة مهرجان البحر الأحمر

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 13:15 2024 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أول تعليق من ميادة الحناوي بعد سقوط نظام «الأسد»
 العرب اليوم - أول تعليق من ميادة الحناوي بعد سقوط نظام «الأسد»

GMT 10:00 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تنهار بالبكاء في حفل دبي

GMT 14:10 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

محكمة أمريكية ترفض وقف حظر تيك توك مؤقتًا

GMT 10:10 2024 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

أوكرانيا تعلن تدمير 56 طائرة مسيرة روسية

GMT 10:12 2024 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

داعش يقتل 52 عسكريا و18 مدنيا في 6 هجمات بالبادية السورية

GMT 14:02 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

الليرة السورية تصعد أمام الدولار إلى مستوى 11500- 12500

GMT 09:02 2024 الأحد ,15 كانون الأول / ديسمبر

مقتل أربعة من فيلق الشام في كمين في ريف اللاذقية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab