اطلبوا العلم ولو فى الصين

اطلبوا العلم ولو فى الصين!

اطلبوا العلم ولو فى الصين!

 العرب اليوم -

اطلبوا العلم ولو فى الصين

بقلم: عبد المنعم سعيد

لا أدرى تحديدا متى بدأت الاهتمام بالصين، ولكن المؤكد أننى تأثرت بنصيحة نبينا الكريم أن نطلب العلم حتى ولو كان بعيدا فى دولة تختلف عنا فى كل شيء من حيث الثقافة والعدد والوضع الجيو سياسى فى شرق القارة الآسيوية. زيارتان للصين ربطت ما بين الخيال والواقع ولكن ذلك جرى فى نهاية القرن الماضى ومطلع القرن الحالي، وفى ٣ يونيو ٢٠٢٠ نشرت فى هذا المقام مقالا بعنوان "صعود الصين". وبعد عامين ونصف العام تقريبا فإن الصين لم تعد فقط قوة صاعدة فحسب وإنما أصبحت قوة عظمى منافسة للولايات المتحدة باعتراف وتصنيف واشنطن.

وعندما انتهت الحرب الباردة بين القطبين الأمريكى والسوفيتى وأسفرت عن عالم واحد القطبية، كان هناك تسرع فى الإعلان عن «نهاية التاريخ» ومعه مولد «صراع الحضارات». والآن مع الخروج الأمريكى من مواقع عالمية عدة، ساد الظن أن النظام الدولى انتهى ليس إلى حالة القطبية الثنائية وإنما إلى حالة من القطبية الثلاثية: أمريكا وروسيا والصين. أصبح العالم يدار من خلال ثلاثة مدارات وليس مدارا واحدا، وكان أكثرهم إثارة هو ذلك الوافد الجديد من بكين الذى خرج من جوف الفقر والتخلف الأيديولوجى إلى الساحة العالمية مؤثرا فى توازناتها ومستقبلها. ولكن الحال لم يبق على حاله، فروسيا دخلت فى مغامرة أقرب إلى المقامرة فى حرب مع أوكرانيا، وفى مواجهة مع الغرب، وفى كلتا الحالتين لا يوجد انتصار قريب، والنفقات الكونية عالية، والداخلية نازفة. أصبح العالم الآن فى قطبية جديدة بين واشنطن وبكين، ولكنها قطبية من نوعية جديدة، وسبب التغيير هو أن الصين لها طريقتها المختلفة على إدارة الأمور فى الدنيا عن تلك التى دارت من قبل. صحيح أن الصين تعاملت مع قضية تايوان التى تفرعت عن الحرب الأوكرانية بطريقة الحرب الباردة، إلا أنها سرعان ما دخلت فى مدارات أخرى تعزز الحركة الصينية فى العالم ولا تأخذ منها.

قبل أيام أرسل لى صديق رسالة قال انها أيضا منقولة من مصادر أخرى تساءل فيها السائل عن الدولة التى فازت بكأس العالم ٢٠٢٢؟ وعندما جاءت الإجابة أنها الأرجنتين، دار سريعا فى بالى أن قطر نفسها ربما كانت هى الدولة التى فازت بحكم مقالات كثيرة قرأتها حول النجاح الذى حققته الدولة القطرية فى المونديال. ولكن الرسالة مضت فى القول ان هناك دولة أخرى فازت بالكأس دون أن تلعب مباراة واحدة؟ تلك الدولة هى الصين التى استخدمت طرقا عشرة بهدوء خلف الكواليس مما جعلها فائزا أعظم. أولا حصلت مبانى كأس العالم على الكهرباء الخضراء من محطة توليد الطاقة من الجيل التالى التى تحصد الطاقة الشمسية فقط، والتى بنتها Power Construction Corporation الصينية. وثانيا تم نقل الأشخاص إلى حيث يريدون الذهاب فى أسطول مكون من ٨٨٨ حافلة كهربائية من صنع Yutong Bus الصينية أيضا والمعتقد أنها أكبر صانع للحافلات فى العالم. وثالثا تم بناء الاستاد الرئيسى بواسطة شركة China Railway Construction Corporation، وهى الشركة التى ظهرت فى إفريقيا وأوروبا وحول العالم، والمعروفة بقدرتها الاستثنائية على إنشاء البنية التحتية فى البيئات الصعبة. ورابعا جميع الأحداث الرياضية فى العالم تحتاج سلعا تذكارية؛ وتشير التقديرات الى أن ما يقرب من ٧٠٪ من السلع المتعلقة بكأس العالم، من كرات القدم إلى الأعلام إلى القمصان والصفارات جاءت من موقع واحد، وهو مدينة تقع فى جنوب شرق الصين تسمى ييوو. وخامسا تم بناء خزان كبير للغاية لمياه الشرب لتوفير مياه شرب نظيفة للرياضيين والمشجعين من قبل Gezhouba Group من ووهان بالصين. وسادسا احتاجت عمليات بناء الملاعب إلى أعداد هائلة من المعدات الثقيلة ومن آلات نقل التربة الضخمة إلى الرافعات، وتم توفير ١٠٠ منها بواسطة Sany Heavy Industry الصينية وهى إحدى أكبر شركات البناء فى العالم. وسابعا كان الملعب القطرى ٩٧٤ هو المكان الأكثر ابتكارا والذى يمكن تفكيكه وإعادة تجميعه فى جميع الأمكنة من العالم. تم تصميم الملعب من قبل مهندس معمارى إسبانى بواسطة شركة China International Marine Container. وثامنا كل الأضواء الكاشفة من نوعية Led التى انتشرت فى كل الأمكنة جاءت من مجموعة Unilumin الصينية. وتاسعا البيئة القطرية حتمت وجود مكيفات هواء باعتبارها سوف تكون ضرورية للبقاء، وهنا قدمت شركة ميديا الصينية ٢٥٠٠ جهاز لحدث المونديال. وعاشرا كان حدث المونديال فى قطر هو الأغلى فى تاريخ العالم، وكان بحاجة إلى كثير من دعم الشركات فاشتركت ١٩ شركة صينية فى رعاية الحدث من خلال طبع الإعلانات المدفوعة.

بعد الشكر للصديق الذى أرسل لى هذه المعلومات فإن طلب العلم من الصين يحتاج الكثير من التأمل-سواء ما تعلق منها بنا أو ما تعلق بالصين. وبالنسبة لنا كما رأينا فى المونديال فإن صناعة الإنشاءات ليست مجرد طرق وجسور ومدن، ولكنها أكبر من ذلك وأوسع نطاقا وفيها من العلوم والفكر العلمى الكثير بأكثر مما يعتقد بعض العالمين منا، وبالطبع ما يتحدث به السفهاء.

«الهندسة» و«التصميم» و«الإنشاء» هى علوم تقاوم الجهل وتقدم إلى البشر طريقا علميا يواجه الغيبيات الضالة. وعندما عمل فى مشروعات مصر العملاقة قرابة خمسة ملايين عامل ومهندس فإن أحدا منهم لم يضل إلى تطرف أو إرهاب. وبالنسبة للصين فإن كل دول العالم وفى جميع مراحل التاريخ تختار طريقها الخاص، وإذا كان طريق الصين إلى العولمة يدور حول «الحزام والطريق» الذى يلف الكرة الأرضية لفا، فإنه من الطبيعى أن يكون قائما على الإنشاءات والعبقرية فيها وهى التى سوف تأخذها من على كوكب الأرض إلى الفضاء الخارجى أيضا.

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اطلبوا العلم ولو فى الصين اطلبوا العلم ولو فى الصين



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان
 العرب اليوم - غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 العرب اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية

GMT 19:28 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الآداب

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 09:52 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تشوّق جمهورها لمسرحيتها الأولى في "موسم الرياض"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab