بقلم: عبد المنعم سعيد
النظرية التى حاول الرئيس ترامب الترويج لها فيما يخص إجراءاتها الجمركية العالمية أنه كان مدافعا عن حق أمريكا فى الحصول على قسط عادل من عائد التجارة العالمية. وعندما أعلن «يوم التحرير» «نهاية العولمة» فإنه كان يريد القضاء على تراث حمله «الليبراليون» الأمريكيون على عاتقهم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية؛ وزادت سرعته بعد نهاية الحرب الباردة حيث كان نصيب أمريكا هو هجرة الصناعات التقليدية بعيدا إلى الدول الأخري. النظرية لها تفريعة أخرى تأتى من نمط ترامب فى السياسة وهو تمهيد الأرض للتفاوض وعقد الصفقات، ومن ثم تبرز مهاراته فى خلق ميزان جديد للتعريفات الجمركية ينتهى إلى الصالح الأمريكي. التفريعة الثالثة فى النظرية إنها سوف تكون واقعة بينما يستعيد ما فعله «هنرى كيسنجر» و«ريتشارد نيكسون» من قبل بالتفرقة ما بين روسيا والصين بجذب كل واحدة منهما ويكون فيها الاصطفاف إلى جانب أمريكا.
النظرية هكذا سوف تعنى انقلاب العالم رأسا على عقب ليس لأنها لا تصلح وإنما لأن ترامب ليس لديه الطاقم المساعد؛ ولا الذكاء الكونى الذى يجعله يطبق نظرية «ضد العولمة» بينما توجه التاريخ والتطور التكنولوجى وما حدث من تطورات تاريخية خلال عقود سوف يظل رافضا ومقاوما لما يحاول فرضه أو التلاعب به فى العالم.
النتيجة التى لا يمكن إغفالها لكل ذلك هو درجة من درجات الفوضى العالمية المصاحبة بمحاولات دولية لاستعادة «التوازن» العالمي، والعلاقة ما بين العرض والطلب، وربما إعادة النظر فى حالة القوى العظمى وتأثيرها العالمي. ما يهمنا هو ما الذى تفعله مصر خلال مثل هذا العالم المنقلب على أعقابه، وهى وسط إقليم لا يتوقف عن الغليان، وتتورط فيه كافة القوى الإقليمية الرئيسية - إيران وتركيا وإسرائيل - ويظل السلاح فيه أول الوسائل الاستراتيجية وليس آخرها؟ الأخبار الطيبة هى أن مصر خلال السنوات العشر الأخيرة لم تكن مكتوفة اليدين، وإنما كان فيها جيل مستعد لإعادة بناء الدولة من جديد!