عبد المنعم سعيد
كثيرمن التغيرات الجارية فى مصر والساعية إلى إصلاح مسيرة الاقتصاد من خلال خطوات تعزز الصناعة والزراعة والخدمات مما يسمى الاقتصاد الحقيقي. هذه خطوات حميدة ولكن يبقى فى الذهن أن أيا منها يحتاج إلى التفاصيل التى تدعو جميعها إلى مراعاة ما يذهب إليه الاقتصاديون من ملاءمة المزايا النسبية لمصر لأنه بات مستحيلا على دول العالم أن تأخذ على عاتقها إنتاج كل ما تحتاج لأنه لو حدث نظريا فإنه يعنى انتهاء التبادل مع دول العالم الأخرى. وعلى العكس فإن التركيز على المزايا النسبية ربما يعنى تحقيق الكثير من العجز يكون مضرا وأحيانا مهددا للأمن القومى إذا ما تصادم مع إنتاجية قوى منافسة. الولايات المتحدة بعد أن أخذت «العولمة» الأمريكية بلبها وجدت أن تخلصها من الصناعات الثقيلة وتركيزها على ميزاتها التنافسية فى العلم والتكنولوجيا من خلال السماح بهجرة المصانع إلى حيث توجد القوى العاملة الرخيصة فى الصين والمكسيك سوف يسمح لها بالتفوق فى مجالات الفضاء والملاحة الجوية وإنتاج أدوية الأمراض المستعصية. الآن ورغم الاختلافات فإن الحزبين الديمقراطى والجمهورى يريان أن موسم هجرة المصانع إلى الصين ليست مرغوبة على ضوء الأزمة فى سلاسل التوريد التى لا تعالج إلا بعودة الصناعة إما إلى أمريكا أو إلى دول حليفة.
وفى وقت فإن د. يوسف والى وزير الزراعة دفع فى اتجاه تأكيد السلع الزراعية القابلة للتصدير، أى لدينا فيها مزايا تنافسية، ووقتها شاع أن تكون للفراولة أولوية على القمح لأنها سوف توفر مصاريف استيراده. ورغم وجود دلائل على نجاح صادراتنا الزراعية مؤخرا، فإنها لا تزال بعيدة عن قدرة استيراد كل ما تبقى. علم الاقتصاد هنا هو الذى يتكفل بتحقيق التوازن لأنه ليس فقط العلم الذى يتعامل مع الندرة، وإنما أكثر من ذلك يتعامل مع توقيع الموارد وتعظيم عوائدها، وعندما قررنا ذات يوم أن نصنع من الإبرة إلى الصاروخ فإن ذلك لم يكن ذلك عائده حميدا.