بقلم : عبد المنعم سعيد
فى عدد الشتاء لعام 2019 لدورية «كايرو ريفيو للشئون العالمية» التى تصدر عن الجامعة الأمريكية بالقاهرة نشرت دراسة تدافع عن «حل الدولة الواحدة» للصراع الفلسطينى الإسرائيلي. الفكرة لم تكن جديدة فكان لها وجود فى الأدب السياسى للطرفين؛ وكانت المعارضة لها متشابهة ومتفوقة على الأقلية التى تقبل بها. ما دفع فى هذا الاتجاه أن «حل الدولتين» كان قد وصل إلى طريق مسدود فى الوقت الذى نما فيه الاعتماد المتبادل ما بين الإسرائيليين والفلسطينيين فى الأمن والاقتصاد والعمل والإنتاج. وفى الوقت نفسه فإن غياب الحل جعل من الحروب سلسلة متتابعة تزداد وحشيتها فى كل مرة عن سابقيها، ولذا فإن حل الدولة الواحدة القائمة على المساواة الكاملة بين طرفين متكافئين على الأقل فى عدد السكان ربما يفضى إلى سلام ينقذ الشعبين وباقى المنطقة معهما. شحبت وجهة النظر هذه، وعادت الأمور إلى ما كانت عليه حيث الجذور تعود إلى قرار التقسيم فى نوفمبر 1947 الذى قضى بإنشاء دولتين واحدة عربية والأخرى يهودية. قامت هذه الأخيرة، وفشلت الأولى فى القيام نتيجة ظلم القسمة، ولكن ما حدث فعليا أن النصيب الفلسطينى تقلص مع كل جولات الحرب والنضال. لا حصل الفلسطينيون على دولة، ولا حصل الإسرائيليون على سلام.
نجح المتطرفون على الجانبين فى إحباط حل الدولتين من خلال الاستيطان الإسرائيلى والعنف الفلسطينى الذى ابتعد عن الشرعية الفلسطينية مستقلا غزة فى اتجاه دولة فلسطينية مصغرة تكون قاعدة لجهاد يدوم. انقسمت الدولة الفلسطينية قبل أن تقوم. وهكذا وصلنا إلى 7 أكتوبر 2023، كما وصلنا إلى الآن 2025؛ وبات علينا مواجهة محاولات تصفية القضية الفلسطينية بالتخلص من الفلسطينيين. لم تعد هناك نافذة أمل إلا من حل إقليمى تتبناه الدول العربية والسلطة الوطنية الفلسطينية يقوم على دولة فلسطينية حقيقية تأخذ بأهم صفات الدولة وهى احتكار السلطة الشرعية للسلاح وليس 14 تنظيما مسلحا وبعضها مصنفة عالميا إرهابية.