بقلم: عبد المنعم سعيد
لم تعد هناك كلمة واحدة ذائعة فى الشرق الأوسط قدر كلمة «المشروع» لوصف ما تفعله إسرائيل وتخطط لفعله خلال المرحلة المقبلة. كتب الدبلوماسى جمال أبو الحسن قبل أسبوع مقالا فى المصرى اليوم عن «المشروعات السياسية الكبرى فى الشرق الأوسط» ملخصا فيه ما طرح خلال العقود السبعة الأخيرة من مشروعات سياسية تبنتها دول وجماعات. خمسينيات وستينيات القرن الماضى عرفت مشروع «القومية العربية» الساعى إلى وحدة عربية تقودها مصر الناصرية أو حزب البعث بجناحيه السورى والعراقي. من رحم المشروع العربى برز المشروع الإسلامى بأجنحته المختلفة، السنى منها والشيعي، السياسى فيها والإرهابي؛ ومن بعيد بدا المشروع إيرانيا فارسيا أصيلا. المشروعات كلها كانت ثائرة فائرة، تلتف وتنقسم حول هدف مقاومة إسرائيل وإقامة الدولة الفلسطينية. ومن عجب أن إسرائيل خرجت من كل مواجهة خالقة مشروعها التاريخى ليس فقط بإقامة وطن قومى لليهود فى فلسطين، أو دولة إسرائيلية، وإنما إمبراطورية عبرية من نهر الأردن حتى البحر المتوسط، ومن إيلات على خليج العقبة حتى المرتفعات السورية.
المشروع الإسرائيلى ساعة كتابة العمود كان فى لحظة تأمل بين أن يمضى إلى تدمير الحوثيين فى اليمن، أو يذهب مباشرة لتدمير السلاح النووى الإيراني. إيران ذاتها مرتبكة، وفيما عدا بعضا من التركيز على مشروعها الذى دخل الأفول فإنها لا تزال تسرع طريقها إلى السلاح النووى الذى تفاوض فيه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب لعل وعسى يمكنها استعادة توازنها. ولكن المشروع الإسرائيلى لا يخلو من ندوب وجروح؛ فالحرب فى غزة كانت أطول كثيرا مما تصورت؛ كما أن تلاقى الساحات على إرسال الصواريخ لم يكن متخيلا. المعضلة الإسرائيلية الكبرى أنه مهما كانت النتائج الحالية، فإن التجربة تشير إلى أن المستقبل كثيرا ما يحتوى على المفاجآت. الداخل الإسرائيلى يعانى ليس فقط من الحرب التى خرجت منها فائزة ولكن دفعت فيها ثمنا كبيرا من الشلل الاقتصادي، وزيادة الفقر، والتعامل مع النازحين إلى داخل إسرائيل وخارجها.