بقلم : عبد المنعم سعيد
منذ نهاية سبتمبر 1977 حينما وطئت أقدامى «العالم الجديد» طالبا، وحتى الآن لم تنقطع صلتى بالولايات المتحدة مدرسا وأستاذا ومعلقا وباحثا ومؤلفا ومريضا. لم يحدث أن كان الأصدقاء والزملاء الأمريكيون على اختلاف منابعهم وأديانهم بهذا القدر من الدهشة. عندما وصلت أرسل لى صديقى رسالة مختصرة «مرحبا بك فى أرض ترامب»؛ والحديث مع عدد غير قليل فإن الدهشة باتت مرتبطة بالذعر مما يفعله ترامب داخليا وخارجيا. لم تكن هذه هى الولايات المتحدة التى أعرفها. لاحظت أن الدوريات الجادة باتت تطرح مشابهات مزعجة للغاية. فى دورية «أتلانتيك» كتب «تيموثيرايباك» مقالا موحيا بعنوان «كيف قام هتلر بتفكيك الديمقراطية فى 53 يوما»، فى 8 يناير 2025 تابع فيه كيف أن المستشار المنتخب من الشعب الألمانى نجح فى تفكيك «جمهورية فايمار» الألمانية من خلال عملية متقنة لتغيير قواعد الدستور الديمقراطى الذى نجح من خلاله. المشابهة كانت واضحة على ضوء أقوال ترامب أن القضاء ليس وظيفته تفسير القانون والقضاء به وإنما إصدار الأحكام. إيحاءات ترامب بالترشح لفترة ثالثة غير دستورية فيها الكثير من الثقل على قيادته الحالية للسلطة التنفيذية. أضف لذلك المخالفة الدستورية الصريحة بإلغاء الجنسية الأمريكية لمن حصل عليها بالمولد من والدين غير أمريكيين.
المقال الآخر الذى جاء من «ستيفن ليوإستيكي» و«لوسيان واي» فى دورية «الشئون الخارجية» جاء فى 11 فبراير الحالى بعنوان «الطريق إلى السلطوية الأمريكية». المحتوى يأخذ ما سبق إلى الأمام حيث يستمر التغيير فى الولايات المتحدة فى اتجاهات لم تعرفها من قبل. ترامب اكتسب القوة بالتغيير الذى قام به فى الحزب الجمهورى وتحوله إلى ولاء شخصى للرئيس جعل الكونجرس امتدادا للسلطة التنفيذية وليس موازنا لها ورقيبا عليها. نتيجة الانتخابات تمتد إلى السلطة القضائية، والنتيجة سلسلة طويلة من ازدحام القضاء بالدعاوى والدعاوى المضادة سواء من خريجى الهيئات الحكومية أو ممن هم عاملون فى مكونات الدولة الأمريكية الصريحة والعميقة.