بقلم : عبد المنعم سعيد
استكمالا لحديث الأمس فإن «المشهد الآن» فى حرب غزة هو أن إسرائيل توظف الموقف العسكرى والتفاوضى لتحقيق استراتيجيتها فى تهجير الفلسطينيين؛ بينما حماس لا يوجد لديها استراتيجية تقربها من هدف إقامة الدولة الفلسطينية. النتيجة هى أنه مع كل ساعة فإن الثمن المدفوع يأتى من دماء فلسطينية؛ ويثبت فى الوقت ذاته أن النداء على القانون الدولى والإنسانى ليس كافيا؛ ولا مطالبة الولايات المتحدة بتغيير الموقف الإسرائيلى مجدية نظرا للعلاقة العضوية بين الطرفين. ما ينقص المشهد موقف عربى إزاء أمرين من الصعب تجاهلهما: الموقف من حماس، والموقف من إسرائيل. حماس حاليا تراجعت قدراتها إلى ما بين 10% ــ 15% وفقا لتقديرات دولية؛ والمرجح أنها حال استمرار الحرب يمكنها اللجوء إلى حرب عصابات تؤذى إسرائيليين؛ ولكنها لا تأتى بالدولة الفلسطينية؛ ونخبتها منقسمة ما بين قيادة محمد سنوار فى الجنوب وعز الدين حداد فى الشمال. إسرائيل اندفعت حكومتها إلى اليمين أكثر مع عودة «غفير» إلى الحكومة، واحتضان الرئيس الأمريكى ترامب لموقفها من التهجير الفلسطينى حتى يمكن إقامة «الريفييرا» الموعودة فى خطة «جاريد كوشنر» نسيب الرئيس ومصمم الموضوع قبل حدوث حرب غزة الخامسة.
التعامل العربى مع حماس يتراوح ما بين موقف حازم للصالح الفلسطينى بخروج حماس من الساحة بعد نزع سلاحها فى مشهد مماثل لما جرى لمنظمة التحرير الفلسطينية من لبنان فى 1982؛ وموقف آخر يعطى لحماس وضعا سياسيا فى حكم غزة بعد فترة انتقالية تعيد الذكرى والفعالية لمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعى والوحيد للشعب الفلسطيني. الزمن هنا لا يعمل للصالح الفلسطيني، كما أنه يضر بالموقف العربى الذى اكتسب أرضية من خلال المشروع المصرى العربى لتعمير غزة دون تهجير أهلها. والحقيقة أن الزمن يدفع جبهة أخرى إلى الانفجار بعد اشتعال الجبهة الحوثية اليمنية، وما يحتمل من مواجهة أمريكية إسرائيلية مع إيران؛ والرئيس الذى جاء على أسنة إرساء السلام فى الأرض سوف يبدأ حربا أبدية أخرى.