بقلم: عبد المنعم سعيد
مر على الولايات المتحدة منذ نشأتها 46 رئيسا للدولة لم تتوقف فيها العملية الانتخابية لاختيار رئيس البلاد بسبب الحرب، وسواء كانت الحرب إقليمية تجرى على الأرض الأمريكية مثل الحرب مع بريطانيا 1812 والحرب الأهلية أو فى خارجها التى وصلت لحربين عالميتين كانت فيها أمريكا عنصرا مرجحا لنصر محورها، وهزيمة خصومها. الرئيس الأول للبلاد جورج واشنطن كان جنرالا اكتسب خبرة فى الحروب التى خاضها تحت التاج البريطانى واستخدمها فى مواجهتها. بعد فترتين رئاسيتين سن سنة حميدة حينما تخلى متطوعا عن السلطة، وظل هذا التقليد قائما حتى الحرب العالمية الثانية عندما حصل فرانكلين روزفلت على فترة ثالثة. لم يكن الدستور ينص على ذلك، وحتى لا يكون هناك خلط جرى تعديل الدستور لكى ينص على الفترتين. وفى البداية كان انتخاب الرئيس ونائبه يتم بشكل منفصل حتى جرى تعديله بأن يكون فى ورقة انتخابية واحدة.
الحرب كانت دائما موضوعا انتخابيا تنقسم حوله الآراء بين من يفضلها لتوسع الدولة فى بداياتها حتى اكتملت على شكلها الحالي؛ ومن يرفضها ويسعى لاعتزالها مادامت دولة قارية تقع بين محيط وآخر، لديها من الثروات ما يكفي. الخروج إلى العالم بعد الحرب العالمية الأولى جعلت الرئيس ويلسون يتطلع إلى أن تكون للدولة رسالة عالمية. انتصر تيار العزلة، فلم تدخل أمريكا عصبة الأمم وانتهت إلى الكساد الكبير. بعد الحرب العالمية الثانية لم تعد قضية الانتخابات أن تكون أمريكا فى العالم أم فى عزلة عنه، وإنما كيف تقوده وحدها دون منافسة سواء كانت مع الاتحاد السوفيتى فى القرن العشرين أو مع الصين فى القرن الحادى والعشرين. لم تتوقف أمريكا عن الحرب بأشكال شتى وفى قارات متنوعة، وفى الانتخابات الراهنة فإن التصويت يجرى عما إذا كان على أمريكا أن تعين أوكرانيا لكى تنتصر على روسيا وتخرجها من المنافسة العالمية؛ وأن تعين إسرائيل بحيث لا يكون لإيران سلطة إقليمية.
*نقلاً عن "الأهرام"