بقلم - عبد المنعم سعيد
عزيزى القارئ: سوف تسمع كثيرا عن المناظرات الأمريكية بمناسبة انعقاد أول مناظرة تمهيدية للحزب الجمهوري. سوف يقال إن هذه المناظرات بدأت بين جون كيندى وريتشارد نيكسون قبل سبعة عقود تقريبا؛ وإن الأول هو الذى فاز بها؛ ولكن الأكثر حصافة سوف يرى أن من استمعوا للراديو وقتها ظنوا أن الثانى هو الفائز، ومن يومها أصبحت صناعة الرئيس الأمريكى تليفزيونيا أكثر أهمية من المناظرة. ما رأيته أو تابعته يوضح كيف أن المناظرات باتت أكثر تعقيدا، فى البداية كانت بين الرؤساء، ولكنها حصلت على كثير من المشاهدات (أيامها كانت فى التليفزيون) فقرر الحاكمون للصناعة أن تكون «تمهيدية» أولا بين المرشحين من كل حزب جمهورى وديمقراطي؛ وبعد ذلك تجرى المناظرات الحاسمة بين مرشحى الحزبين. كان معنى ذلك أن تبدأ المناظرات قبل عامين من الانتخابات الحاسمة؛ وهو ما يعنى أن الرئيس لن يكون لديه وقت بعد توليه السلطة لكى يمارس سلطته. ولكن الرئيس فى البيت الأبيض ربما لن يكون لديه معضلة لأنه نادرا ما تكون الانتخابات التمهيدية حادثة فى حزبه، وما عليه إلا الانتظار حتى يعرف من الذى سوف ينافسه فى ثلاث مناظرات قبل التصويت.
كل نوعية من المناظرات يحدث لها مفاجأة من نوع أو آخر؛ وهذه المرة فإن المرشح الغائب دونالد ترامب كان هو كما يقال الفيل فى الحجرة. ما كان معتادا من قبل هو أن المرشح الذى لا يحضر المناظرة يحكم على نفسه بالإعدام السياسى لفقدانه شجاعة وحرفية المناظرة. ترامب جازف بمقامرة عدم الحضور لكى يحسم المعركة داخل الحزب الجمهوري. استراتيجيته قامت على أنه بالفعل الحاضر الغائب، وهو الحاضر لأنه فى استطلاعات الرأى العام بلغ التأييد له بعد أربع تهم ٥٢٪ بينما أقرب منافسيه دى سانتوس لم يحصل إلا على ١٠٪. وهو سوف يكون حاضرا بلقاء تليفزيونى كبير يذاع وقت المناظرة. ترامب لديه الكثير فى جعبته!.