٣٠٠٠٠٠ عام من الخوف

٣٠٠٠٠٠ عام من الخوف

٣٠٠٠٠٠ عام من الخوف

 العرب اليوم -

٣٠٠٠٠٠ عام من الخوف

بقلم - عبد المنعم سعيد

 

كتاب الدبلوماسى جمال أبوالحسن «٣٠٠٠٠٠ عام من الخوف، قصة البشر من بداية الكون إلى التوحيد» كان من أفضل ما قرأت باللغة العربية خلال العام المنصرم ٢٠٢٢.

الكتاب- على خلاف ما ذاع في عروض نهاية العام التلفزيونية- ليس مجموعة من المراسلات ما بين الكاتب وابنته «ليلى»، بينما كلاهما تحت العزل إبان «جائحة» الكورونا.

والقصص كما نعلم نوعان: ما يسمى Fiction، الذي يقوم على خيال الكاتب، الذي يخترع كل ما فيه من تفاعلات وأحداث وحب وغرام وحزن وسرور؛ وما يُقال عنه nonfiction، وهو الذي يقوم على الحقائق من أحداث وأمور حقيقية يمكن رصدها والتحقق منها، ويجرى تداولها في مجالس العلم والمعرفة، ومن الناحية الحرفية هي نوع من الاستقصاء.

إلى هذا النوع الأخير ينتمى كتابنا، والمراسلات الواقعة فيه لا تتعدى صفحة في كل فصل تُطرح فيها الأسئلة التي في ذهن المؤلف على لسان ابنته.

المرجح في هذا المنهج أن المؤلف يريد لنا، القراء، أن نفيق من ذهول الفصل السابق، ونعود حتى ولو للحظات قليلة إلى الواقع الذي نعيش فيه، فلعلنا نستوعب ما ذُكر في الصفحات السابقة.

من ناحية أخرى، فإن الكتاب ينتمى إلى عائلة ما يسمى «التاريخ الكبير Big History»، الذي يقدم فرصة فريدة للتعرف على تطور الكون كعملية واحدة تطورت منذ البداية عبر مليارات السنين من البداية الأولى، المعروفة بالانفجار الكبير حتى فهم ما هو واقع الآن، ومنه إلى المستقبل القريب لكى نعرف الحالة الحالية للإنسان، الذي جاء إلينا من خلال عملية منظمة للأمر مادة كان أو فكرًا.

في هذا التاريخ يجرى تعقب منظم للقوانين والمبادئ، التي جرى على أساسها التغيير من نقطة زمنية إلى أخرى، من حيث الطاقة والتعقيد والوظائف وعملية التفاعل بين كل ذلك معًا، بحيث نصل إلى الأنماط الحاكمة فيها.

بشكل كبير، فإن الفكرة في أصولها تنتمى إلى نظرية «داروين» في التطور والاختيار الطبيعيين؛ ولكن في الكتاب لا نستبعد لحظات فارقة من الإلهام، والتى ربما كانت هي اللحظة التي علم فيها الله سبحانه وتعالى الإنسان- أو آدم- «الأسماء كلها»، التي تشكل مفاتيح تنقل الإنسان من حالة إلى أخرى.

هذه يسميها مؤلفنا «الأكواد» أو اكتشاف شفرة مفيدة تبدأ بالشفرة الأبجدية، التي يسبقها مباشرة كون الإنسان كباقى أركان المملكة الحيوانية يصدر أصواتًا نابعة من غرائز طبيعية من خوف الطبيعة ذاتها أو الخوف ممن هم أكثر شراسة أو التنافس على الغذاء أو التكاثر الجنسى.

لحظة الإلهام هنا هو بداية التواصل حينما يُطلق على «الشجرة» اسم يجرى التوافق عليه، بحيث تصير حقيقة موضوعية تسمى هكذا من قِبَل مجموعة من البشر، وبعد ذلك تنفرج عنها أسماء لأنواع وثمار.

«شفرة الأبجدية» جعلت التواصل بين البشر ممكنًا، وباختصار، وُجدت الجماعة البشرية.

وبمثل هذا المنطق توجد «شفرة العدد»، فالأرقام من صفر إلى ٩ لا تعنى شيئًا في حد ذاتها إلا عندما نتحدث عن تفاحة واحدة، أو تفاحتين، وساعتها يكون للرقم والعدد معنى.

وهكذا تكبر الجماعة من ناحية، وتزداد قدراتها أو طاقتها من ناحية أخرى، ومع كل شفرة يجرى فك أسرارها وتطويعها، تتصاعد وسائل توافق الجماعة من دفن الموتى إلى الحرب.

«الثورة الزراعية» عبرت عن حالة قصوى من الشفرات، التي فضّت وجلبت طاقات جبارة لتنظيم عمليات الغذاء والرى وإقامة إمبراطوريات كبرى.

الكتاب في عمومه متأثر بمدرسة التاريخ الكبير، وأشهر أسمائها الآن هو كتاب فيلسوف التاريخ «يوفال نوح هرارى»، الذي أصدر ثلاثة كتب تتابع تطور الإنسان في ماضيه (البشر أو Sapiens)، وحاضره (٢١ سؤالًا إلى القرن الواحد والعشرين)، ومستقبله (Homo Deus)؛ ولكن صاحبنا لم يأخذ هذا المنهج، فهو يقسم التاريخ منذ البداية حتى ظهور رسائل التوحيد الثلاثة، (اليهودية والمسيحية والإسلام)، التي ربما بفعل درجة النضج الإنسانى بين عام ٥٠٠ قبل الميلاد و٥٠٠ تقريبًا بعده، تزاملت مع الأفكار التي قدمها كونفوشيوس في الصين وبوذا في الهند وسقراط في اليونان.

القلب الفكرى لهذه الرسائل كان معنيًّا بالدفع بالإنسان إلى محطة جديدة في تاريخه، عندها اكتملت البشرية كعالم واحد، لا تختص به جماعة بشرية بعينها، وإنما تتواصل أفكارها وبركاتها إلى أركان المعمورة، فاتحة الأبواب لظهور الثورة الصناعية وما تبعها من تاريخ.

توقف الكتاب عند الرسالات السماوية، والأفكار الفلسفية، واقعية (كونفوشيوس) كانت، أو مثالية (بوذا)، أو ثورية (سقراط)، ولكنها جميعها باتت تخاطب عالمًا واحدًا ممتلئًا بطاقات جبارة، هو العالم الذي نعرفه الآن.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

٣٠٠٠٠٠ عام من الخوف ٣٠٠٠٠٠ عام من الخوف



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:33 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

تفجيرات إسرائيلية تستهدف مناطق متعددة في جنوب لبنان
 العرب اليوم - تفجيرات إسرائيلية تستهدف مناطق متعددة في جنوب لبنان

GMT 15:26 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025
 العرب اليوم - أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 16:20 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

ضربات أمريكية لمنشآت بمحافظة عمران اليمنية

GMT 15:00 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الأهلى القطرى يعلن تجديد عقد الألمانى دراكسلر حتى 2028

GMT 14:49 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الاحتلال يقتحم عدة بلدات في القدس المحتلة

GMT 02:00 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

حرائق ضخمة في لوس أنجلوس تجبر الآلاف على إخلاء منازلهم

GMT 14:26 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

"الخارجية الفلسطينية" تدين جريمة الاحتلال فى جنوب شرق طوباس

GMT 17:23 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

هيا الشعيبي تسخر من جامعة مصرية والشيخة عفراء آل مكتوم ترد

GMT 10:42 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

رامي صبري يتحدث عن إمكانية تقديمه أغاني خليجية

GMT 23:27 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

زوجة رامي صبري تبدي رأيها في أغنية فعلاً مبيتنسيش
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab