بقلم : عبد المنعم سعيد
لا أدري لماذا اختارت جامعة «برانديز» لي وزميلي في رحلة ترويج الكتاب القطار من نيويورك إلى واشنطن. مضى وقت منذ ركبت القطار، والتنقل في الرحلة كلها طائرا، ولكن ما كان جاذبا أن الرحلة لها اسم «أصيلة» وهو اسم مدينة صغيرة في المغرب الشقيق على المحيط الأطلنطي. لم يشف أحد غليلي حول تشابه الأسماء، ولكن لفت نظري في تذكرة الرحلة أن القطار سوف يخرج من الكربون ٨٣٪ أقل مما لو كنت سافرت بالسيارة، و٧٢٪ أقل من الطائرة. لم يكن لدي وسيلة للتحقق من هذه الأرقام، ولكن محطة القطار أصابتني بالدهشة من جمالها؛ تذكرت فورا محطة «بشتيل» لقطار الصعيد الجديدة في مصر، وما زلت أندهش أنها لا تذكر محاسنها في وسائل الإعلام المصرية. المهم أخيرا وصلت إلي «واشنطن العاصمة»، وذلك لتمييزها عن «واشنطن الولاية» والتي تقع في غرب الدولة الأمريكية على المحيط الباسفيكي أو الهادي كما نسميه.
مدينة واشنطن عاصمة الولايات المتحدة الأمريكية هى من المدن البيروقراطية فى العالم، مثلها فى ذلك مثل أنقرة فى تركيا وبرازيليا فى البرازيل، حيث أقيمت المدن للتعبير عن حقائق سياسية فتضم الحكومة المركزية وتفريعاتها ومنظماتها المختلفة. ولأن واشنطن كذلك فإنها تفتقد، كما هو الحال فى المدن البيروقراطية الأخرى، إلى الروح المميزة الخاصة التى تجدها فى باريس أو لندن أو روما أو حتى القاهرة أو الإسكندرية. هى مدينة موظفين بامتياز، وليس صدفة أن الشائع عنها هو غلبة النساء حيث قيل إن لكل رجل سبعا من النساء، أو هكذا قيل عن شغف الحكومة الفيدرالية بمسألة «التمييز» الإيجابي للمرأة. وربما يوحى ذلك أنه يعطى طعما وحيوية خاصة للمدينة، ولكن نساء البيروقراطية لا يختلفون كثيرا عن رجالها حيث يفتقد الجميع تلك الثقافة السائدة فى مدينة مثل بوسطن، أو الحيوية الزائدة التى تجدها لدى الجنسين فى نيويورك، أو التقاليع والفنون كما تجد فى سان فرانسيسكو ولوس أنجلوس. يتبع.